الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد أنه قال كنت مع عبد الله بن عمر فجاءه صائغ فقال له يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه فأستفضل من ذلك قدر عمل يدي فنهاه عبد الله عن ذلك فجعل الصائغ يردد عليه المسألة وعبد الله ينهاه حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابة يريد أن يركبها ثم قال عبد الله بن عمر الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليكم [ ص: 418 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 418 ] 1311 - ( مالك عن حميد بن قيس المكي ) أبي صفوان القاري الأعرج من رجال الجماعة ( مجاهد ) بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة أبي الحجاج المخزومي مولاهم المكي إمام في التفسير وفي العلم ، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة وله ثلاث وثمانون سنة ( أنه قال : كنت مع عبد الله بن عمر ) بن الخطاب ( فجاءه صائغ ) هو وردان الرومي كما أخرجه ابن عبد البر من طريق ابن عيينة عن وردان أنه سأل ابن عمر ( فقال : يا أبا عبد الرحمن ) كنية ابن عمر ( إني أصوغ الذهب ) أجعله حليا ( ثم أبيع الشيء ) المصوغ ( بأكثر من وزنه فأستفضل ) أستبقي والسين للتأكيد ( من ذلك قدر عمل يدي فنهاه عبد الله عن ذلك ) للربا ( فجعل الصائغ يردد ) يعيد ( عليه المسألة ) المذكورة ( وعبد الله ينهاه عن ذلك حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابة يريد أن يركبها ) شك الراوي ( ثم قال عبد الله بن عمر : الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل ) زيادة ( بينهما هذا عهد ) أي وصية ( نبينا ) صلى الله عليه وسلم ( إلينا وعهدنا إليكم ) وقد بلغناكم .

                                                                                                          قال أبو عمر : قوله الدينار بالدينار . . . . إلخ ، إشارة إلى جنس الأصل لا إلى المضروب دون غيره بدليل إشارة ابن عمر في الحديث على سؤال الصائغ له عن الذهب المصوغ ، وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " الفضة بالفضة والذهب بالذهب مثلا بمثل وزنا بوزن " ولا أعلم أحدا حرم التفاضل في المضروب من الذهب والفضة المدرهمة دون التبر والمصوغ منهما إلا ما جاء عن معاوية والإجماع على خلافه .

                                                                                                          قال : وفي قوله : " نبينا " تصريح بالمراد في قوله في رواية ابن عيينة هذا عهد صاحبنا ، فقول الشافعي يعني به أباه عمر غلط على أصله لأن صاحبنا مجمل يحتمل أنه أراد النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأظهر ، ويحتمل أنه أراد عمر ، فلما قال مجاهد عن ابن عمر : عهد نبينا فسر ما أجمل ، وورد أن هذا أصل ما يعتمده الشافعي في الآثار لكن الغلط لا يسلم منه أحد ، وإنما دخلت الداخلة على الناس من جهة التقليد ; لأنه إذا تكلم العالم عند من لا ينعم النظر بشيء كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون معرفة وجهه فيقع الخلل ااهـ .




                                                                                                          الخدمات العلمية