الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة فلما حضرته الوفاة قال والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك ولا أعز علي فقرا بعدي منك وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك وإنما هو اليوم مال وارث وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله قالت عائشة فقلت يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى فقال أبو بكر ذو بطن بنت خارجة أراها جارية

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1474 1432 - ( مالك عن ابن شهاب ) الزهري ( عن عروة بن الزبير ، عن ) خالته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : إن أبا بكر الصديق ) عبد الله بن عثمان ( كان نحلها ) بفتحتين ( جاد ) بفتح الجيم والدال المهملة الثقيلة ( عشرين وسقا ) من نخلة إذا جد ، أي قطع ، قاله عيسى فهو صفة للثمرة ، وقال ثابت : يعني أن ذلك يجد منها ، قال الأصمعي : هذه أرض جاد مائة وسق ، أي يجد ذلك منها فهو صفة للنخل التي وهبها ثمرتها ، يريد نخلا يجد منها عشرون ( من ماله ) يحتمل أنه تأول حديث النعمان ببعض الوجوه التي تقدمت ، قاله الباجي ( بالغابة ) بمعجمة وموحدة وصحف من قالها بتحتية ، موضع على بريد من المدينة في طريق الشام ، ووهم من قال من عوالي المدينة ، كان بها أملاك لأهلها استولى عليها الخراب ، وغلط القائل أنها شجر لا مالك له بل لاحتطاب الناس ومنافعهم . ( فلما حضرته الوفاة ) ، أي أسبابها ( قال : والله يا بنية ) بتصغير الحنان والشفقة ( ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك ) بكسر الكاف ( ولا أعز ) أشق وأصعب ( علي فقرا بعدي منك ) وفيه : أن الغنى أحب إلى الفضلاء من الفقر ( وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا فلو كنت جددتيه ) بفتح الجيم والدال الأولى وإسكان الثانية ، قطعتيه ( واحتزتيه ) بإسكان الحاء والزاي بينهما فوقية مفتوحة ، أي حزتيه ( كان لك ) لأن الحيازة والقبض شرط في تمام الهبة ، فإن وهب الثمرة على الكيل فلا تكون الحيازة إلا بالكيل بعد الجد ، ولذا قال : جددتيه واحتزتيه ، قاله الباجي . وقال أبو عمر : [ ص: 86 ] اتفق الخلفاء الأربع على أن الهبة لا تصح إلا مقبوضة ، وبه قال الأئمة الثلاثة . وقال أحمد وأبو ثور : تصح الهبة والصدقة بلا قبض ، وروي ذلك عن علي من وجه لا يصح . ( وإنما هو اليوم مال وارث وإنما هما أخواك ) عبد الرحمن ومحمد ( وأختاك ) يريد من يرثه بالبنوة لأنه ورثه معهم زوجتاه أسماء بنت عميس وحبيبة بنت خارجة وأبوه أبو قحافة ، وإن روي أنه رد سدسه على ولد أبي بكر ( فاقتسموه على كتاب الله ، قالت عائشة : فقلت : يا أبت والله لو كان كذا وكذا ) كناية عن شيء كثير أزيد مما وهبه لها ( لتركته ) اتباعا للشرع وطلبا لرضاك ( إنما هي أسماء فمن الأخرى ؟ فقال أبو بكر : ذو ) أي صاحبة ( بطن ) بمعنى الكائنة في بطن حبيبة ( بنت خارجة ) بن زيد بن أبي زهير بن مالك الأنصاري الخزرجي ، صحابية بنت صحابي شهد بدرا وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر ، ويقال : إنه استشهد بأحد ( أراها ) بضم الهمزة ، أظنها ( جارية ) أنثى فلذا قلت : أختاك ، فكان كما ظن رضي الله عنه سميت أم كلثوم ، قال ابن مزين : قال بعض فقهائنا وذلك لرؤيا رآها أبو بكر .




                                                                                                          الخدمات العلمية