الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1686 1636 - ( مالك عن سهيل ) بضم السين مصغر ( ابن أبي صالح عن أبيه ) ذكوان السمان ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تفتح أبواب الجنة ) يحتمل حقيقة لأن الجنة مغلوقة وفتح أبوابها ممكن ويكون دليلا على المغفرة ، ويحتمل أنه كناية عن مغفرة الذنوب العظيمة وكتب الدرجات الرفيعة ، قاله الباجي .

                                                                                                          وقال القرطبي : الفتح حقيقة ولا ضرورة تدعو إلى التأويل ويكون فتحها تأهبا من الخزنة لمن يموت يومئذ ممن غفر له أو يكون علامة للملائكة على أن الله تعالى يغفر في ذينك اليومين ( يوم الاثنين ويوم الخميس ) فيه فضلهما على غيرهما من الأيام وكان صلى الله عليه وسلم يصومهما ويندب أمته إلى صيامهما وكان يتحراهما بالصيام ، وأظن هذا الخبر إنما توجه إلى طائفة كانت تصومهما تأكيدا على لزوم ذلك كذا قال أبو عمر .

                                                                                                          وقد روى أبو داود وغيره عن أسامة قال : " كان صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال : إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس " ( فيغفر ) فيهما [ ص: 420 ] ( لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا ) ذنوبه الصغائر بغير وسيلة طاعة .

                                                                                                          قال القرطبي : لحديث " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهما ما اجتنبت الكبائر " ( إلا رجلا ) لأنها استثناء من كلام موجب وهو الرواية الصحيحة وروي بالرفع ، قاله التوربشتي ، قال الطيبي : وعلى الرفع الكلام محمول على المعنى ، أي : لا يبقى ذنب أحد إلا ذنب رجل وهو وصف طردي والمراد إنسان ( كانت بينه وبين أخيه شحناء ) بفتح المعجمة والمد ، أي : عداوة ( فيقال أنظروا ) بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الظاء المعجمة ، قال البيضاوي : يعني يقول الله للملائكة النازلة بهدايا المغفرة أخروا وأمهلوا ( هذين ) أتى باسم الإشارة بدل الضمير لمزيد التنفير ، والتعبير يعني لا تعطوا منها أنصباء رجلين بينهما عداوة ( حتى ) ترتفع و ( يصطلحا ) ولو بمراسلة عند البعد .

                                                                                                          وقال الطيبي : لا بد هنا من تقدير من يخاطب بقوله أنظروا كأنه تعالى لما غفر للناس سواهما قيل ( أنظروا هذين حتى يصطلحا ) وكرر للتأكيد .

                                                                                                          وقال القرطبي : المقصود من الحديث التحذير من الإصرار على العداوة وإدامة الهجر ، قال ابن رسلان : ويظهر أنه لو صالح أحدهما الآخر فلم يقبل غفر للمصالح .

                                                                                                          قال أبو داود : إذا كان الهجر لله فليس من هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نسائه أربعين يوما ، وابن عمر هجر ابنا له حتى مات .

                                                                                                          قال ابن عبد البر فيه أن الشحناء من الذنوب العظام وإن لم تذكر في الكبائر ، ألا ترى أنه استثنى غفرانها وخصها بذلك ؟ وأن ذنوب العباد إذا وقع بينهم المغفرة والتجاوز سقطت المطالبة بها من الله لقوله حتى يصطلحا فإذا اصطلحا غفر لهما ذلك وغيره من صغائر ذنوبهما انتهى .

                                                                                                          وأخرجه مسلم عن قتيبة بن سعيد عن مالك به ، وتابعه عبد العزيز الدراوردي عن سهيل لكن قال : إلا المتهاجرين بالتثنية أو الجمع كما في مسلم أيضا .

                                                                                                          وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من طريق مالك وغيره ولم يخرجه البخاري ووهم من عزاه له .




                                                                                                          الخدمات العلمية