الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أنه قال تعرض أعمال الناس كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال اتركوا هذين حتى يفيئا أو اركوا هذين حتى يفيئا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1687 1637 - ( مالك عن مسلم بن أبي مريم ) واسمه يسار المدني مولى الأنصار تابعي صغير ثقة ( عن أبي صالح ) ذكوان ( السمان ) بائع السمن ( عن أبي هريرة أنه قال ) قال ابن عبد البر كذا وقفه يحيى وجمهور الرواة ، ومثله لا يقال بالرأي ، فهو توقيف بلا شك ، وقد رواه ابن وهب عن مالك وهو أجل أصحابه فصرح برفعه ، فقال : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : [ ص: 421 ] ( تعرض أعمال الناس ) الظاهر أنه أريد المكلفين منهم بقرينة ترتيبه المغفرة على العرض وغير المكلف لا ذنب له يغفر ( كل جمعة مرتين ) قال البيضاوي : أراد بالجمعة الأسبوع فعبر عن الشيء بآخره وما يتم به ويوجد عنده والمعروض عليه هو الله تعالى أو ملك يوكله الله على جميع صحف الأعمال وضبطها انتهى .

                                                                                                          وصرح في رواية الطبراني من حديث أسامة بأن العرض على الله . . . وليس المراد بالجمعة يومها لمنافاته لقوله : ( يوم الاثنين ويوم الخميس ) وقال النووي : هذا العرض قد يكون بنقل الأعمال من صحائف الحفظة إلى محل آخر ، ولعله اللوح المحفوظ كما قال تعالى : إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون [ سورة الجاثية : الآية 29 ] قال الحسن : الخزنة تستنسخ من الحفظة وقد يكون العرض في هذين اليومين ليباهي سبحانه بصالح أعمال بني آدم الملائكة كما يباهيهم بأهل عرفة ، وقد يكون لتعلم الملائكة المقبول من الأعمال من المردود كما جاء : " إن الملائكة تصعد بصحائف الأعمال لتعرضها على الله فيقول ضعوا هذا واقبلوا هذا فتقول الملائكة : وعزتك ما علمنا إلا خيرا ، فيقول : إنه كان لغيري ولا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي " ( فيغفر لكل عبد مؤمن ) ذنوبه المعروضة عليه ( إلا عبدا ) بالنصب لأنه استثناء من كلام موجب ، وفي رواية عبد بالرفع وتقديره فلا يحرم أحد من الغفران إلا عبد ، ومنه : " فشربوا منه إلا قليل " بالرفع ، قاله الطيبي .

                                                                                                          ( كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال اتركوا هذين حتى يفيئا ) بفتح الياء وكسر الفاء ، أي : يرجعا عما هما عليه من التقاطع والتباغض إلى الصلح ، وأتى باسم الإشارة بدل الضمير لمزيد التعيير والتنفير ( أو ) قال ( أركوا ) بفتح الهمزة وسكون الراء وضم الكاف ، أي : أخروا ( هذين حتى يفيئا ) شك الراوي ، يقال : أركيت الشيء أخرته ، ولا يعارض هذا الحديث ما صح مرفوعا : " إن الله تعالى يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل " ، قال الوالي العراقي : لاحتمال عرض الأعمال عليه تعالى كل يوم ، ثم تعرض عليه كل اثنين وخميس ، ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان فتعرض عرضا بعد عرض ، ولكل عرض حكمة يستأثر بها ، مع أنه لا تخفى عليه من أعمالهم خافية أو عليها من شاء من خلقه ، ويحتمل أنها تعرض في اليوم تفصيلا وفي الجمعة إجمالا أو عكسه انتهى .

                                                                                                          وهذا الحديث رواه مسلم : حدثنا أبو الطاهر وعمرو بن سوار ، قالا : أخبرنا ابن وهب قال : أنبأنا مالك فذكره مرفوعا به ، وتابعه سفيان عن مسلم بن أبي مريم مرفوعا نحوه عند مسلم أيضا ولم يخرجه البخاري .




                                                                                                          الخدمات العلمية