الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1864 1817 - ( مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من شر الناس ) ، كلهم ، وحمله على ذلك أبلغ في الذم من حمله على من ذكر من الطائفتين المتضادتين خاصة ، وفي روايةللإسماعيلي : من شر خلق الله .

                                                                                                          وللبخاري عن أبي صالح عن أبي هريرة : يوم القيامة عند الله - تعالى - .

                                                                                                          ( ذو الوجهين ) مجاز عن الجهتين ، مثل المدحة والمذمة لا حقيقة ، وفسره بقوله : ( الذي يأتي هؤلاء ) القوم ، ( بوجه وهؤلاء ) القوم ، ( بوجه ) فيظهر عند كل أنه منهم ، ومخالف للآخر مبغض لهم .

                                                                                                          وعند الإسماعيلي : الذي يأتي هؤلاء [ ص: 654 ] بحديث هؤلاء ، وهؤلاء بحديث هؤلاء ، قال القرطبي : إنما كان من شر الناس ; لأن حاله - حال المنافقين ، إذ هو يتملق بالباطل وبالكذب - مدخل للفساد بين الناس .

                                                                                                          وقال النووي : لأنه يأتي كل طائفة بما يرضيها ، فيظهر لها أنه منها ، ومخالف لضدها ، وصنيعه نفاق محض ، وكذب وخداع ، وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين ، وهي مداهنة محرمة .

                                                                                                          قال القاضي عياض وغيره : فأما من قصد بذلك الإصلاح المرغب فيه ، فيأتي لكل بكلام فيه صلاح واعتذار لكل واحد عن الآخر ، وينقل له الجميل ، فمحمود مرغب فيه .

                                                                                                          قال القرطبي : ذو الوجهين في الإصلاح محمود ، وإن كان كاذبا لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس ؛ يقول خيرا ، وينمي خيرا " ، وبين تعبيره بـ " من " أن قوله في رواية للشيخين عن عراك بن مالك عن أبي هريرة : " إن شر الناس ذو الوجهين " ، محمول على رواية " من " ، والحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به ، وهو في الصحيحين من طريق عراك بن مالك عن أبي هريرة عن أبي صالح ، ومسلم عن سعيد بن المسيب ، وأبي زرعة ، الثلاثة عن أبي هريرة نحوه .




                                                                                                          الخدمات العلمية