الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعطوا السائل وإن جاء على فرس

                                                                                                          [ ص: 668 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 668 ] 1876 1829 - ( مالك عن زيد بن أسلم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أعطوا السائل ) الذي يسأل التصدق عليه ( وإن جاء على فرس ) ; يعني لا تردوه ، وإن جاء على حالة تدل على غناه كركوب فرس ، فإنه لولا حاجته للسؤال ما بذل وجهه ، بل هذا وشبهه من المستورين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف .

                                                                                                          وقد حكي أن عمر بن عبد العزيز بعث مالا يفرق بالرقة ، فقال له الذي بعث معه : يا أمير المؤمنين تبعثني إلى قوم لا أعرفهم ، وفيهم غني وفقير ، فقال كل من مد يده إليك فأعطه .

                                                                                                          وزعم أن المراد وإن جاء على فرس يطلب علفه وطعامه ، تعسف ركيك .

                                                                                                          قال الحراني : ولو في مثله تجيء منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء ، وما بعدها جاء نصا على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها ، فكونه على فرس يؤذن بغناه فلا يليق إعطاؤه دفعا للتوهم .

                                                                                                          وقال أبو حيان : هذه الواو لعطف حال على حال محذوفة تضمنها السابق ، والمعنى أعطوه كائنا من كان ، ولا تجيء هذه الحال إلا منبهة على ما يتوهم أنه لا يندرج تحت عموم الحال المحذوفة ، فأدرج تحته : ألا ترى أنه لا يحسن أعط السائل ، ولو كان غنيا أو فقيرا ، انتهى .

                                                                                                          ومقصود الحديث : الحث على إعطاء السائل وإن جل ، ولو ما قل كما يفيده حذف المتعلق ، لكن إذا وجده ولم يعارضه ما هو أهم ، وإلا فلا ضير في رده كما يفيده أحاديث أخر .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا عن مالك ، وليس فيه مسند يحتج به فيما أعلم ، انتهى .

                                                                                                          وقد وصله ابن عدي من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة ، ولكن عبد الله ضعيف ، نعم له شاهد أخرجه أحمد ، وأبو داود ، وقاسم بن أصبغ عن الحسين بن علي مرفوعا : " للسائل حق وإن جاء على فرس " ، وسنده جيد ، قاله العراقي وغيره .

                                                                                                          ولكن قال ابن عبد البر : سنده ليس بالقوي .

                                                                                                          وجاء بلفظ الموطأ وجه آخر ، عن أبي هريرة عند ابن عدي ، وضعفه ، ومن وجه آخر عند الدارقطني ، والحاصل أن المرسل صحيح ، وتتقوى رواية الوصل بتعدد الطرق ، واعتضادها بالمرسل .




                                                                                                          الخدمات العلمية