الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول إن المصلي ليصلي الصلاة وما فاته وقتها ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله قال يحيى قال مالك من أدرك الوقت وهو في سفر فأخر الصلاة ساهيا أو ناسيا حتى قدم على أهله أنه إن كان قدم على أهله وهو في الوقت فليصل صلاة المقيم وإن كان قد قدم وقد ذهب الوقت فليصل صلاة المسافر لأنه إنما يقضي مثل الذي كان عليه قال مالك وهذا الأمر هو الذي أدركت عليه الناس وأهل العلم ببلدنا وقال مالك الشفق الحمرة التي في المغرب فإذا ذهبت الحمرة فقد وجبت صلاة العشاء وخرجت من وقت المغرب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          23 23 [ ص: 100 ] - ( مالك عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول : إن المصلي ليصلي الصلاة وما فاته وقتها ) لكونه صلاها فيه ( ولما فاته من وقتها ) أوله أو أوسطه ( أعظم أو أفضل ) بالشك في اللفظ وإن اتحد المعنى ( من أهله وماله ) قال ابن عبد البر : هذا له حكم المرفوع إذ يستحيل أن يكون مثله رأيا ، وقد ورد نحوه مرفوعا ، فأخرج الدارقطني في سننه من طريق عبيد الله بن موسى عن إبراهيم بن الفضل عن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أحدكم ليصلي الصلاة لوقتها وقد ترك من الوقت الأول ما هو خير له من أهله وماله " . وأخرج ابن عبد البر عن ابن عمر رفعه : " إن الرجل ليدرك الصلاة وما فاته منها خير من أهله وماله " . وأخرجه سعيد بن منصور عنه موقوفا ، وعن طلق بن حبيب مرسلا مرفوعا : ( قال مالك : من أدرك الوقت وهو في سفر فأخر الصلاة ساهيا أو ناسيا ) قال بعضهم فيما حكاه عياض : السهو شغل عن الشيء ، والنسيان غفلة عنه وآفة .

                                                                                                          ( حتى قدم على أهله ) المراد حتى تم سفره ، سواء كان له أهل أم لا .

                                                                                                          ( أنه إن كان قدم على أهله وهو في الوقت فليصل صلاة المقيم ) . أي يتم .

                                                                                                          ( وإن كان قد قدم وقد ذهب الوقت فليصل صلاة المسافر ) أي مقصورة ( لأنه إنما يقضي مثل الذي كان عليه ، قال مالك : وهذا الأمر هو الذي أدركت عليه الناس ) يعني التابعين ( وأهل العلم ) أتباعهم ( ببلدنا ) أي المدينة .

                                                                                                          ( وقال مالك : الشفق الحمرة التي ) ترى ( في ) أفق ( المغرب ) وهذا هو المعروف في مذهبه وعليه أكثر العلماء ، وقال أبو حنيفة : إنه البياض الذي يليها ، ورد بأنه مختص في الاستعمال بالحمرة لقول أعرابي وقد رأى ثوبا أحمر كأنه شفق ، وقال المفسرون في قوله تعالى : فلا أقسم بالشفق ( سورة الانشقاق : الآية 16 ) إنه الحمرة .

                                                                                                          وقال الخليل بن أحمد : رقبت البياض فوجدته [ ص: 101 ] يبقى إلى ثلث الليل ، وقال غيره : إلى نصفه ، فلو رتب الحكم عليه لزم تأخيرها إلى ثلثه أو نصفه .

                                                                                                          ( فإذا ذهبت الحمرة فقد وجبت صلاة العشاء ) أي دخل وقت وجوبها ، وقد صح أن جبريل صلى بالمصطفى العشاء حين غاب الشفق .

                                                                                                          ( وخرجت ) أيها المصلي ( من وقت المغرب ) أي المختار وإلا فوقتها الليل كله وهذا ظاهر جدا في امتداد مختارها للشفق ، وقد قال ابن العربي في شرح الترمذي : إنه الصحيح ، وقال في أحكامه : إنه المشهور من مذهب مالك .




                                                                                                          الخدمات العلمية