الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنه قال أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          253 249 - ( مالك عن محمد بن يوسف ) الكندي المدني الأعرج ثقة ثبت مات في حدود الأربعين ، ومائة عن السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي صحابي له أحاديث وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين وولاه عمر سوق المدينة ومات سنة إحدى وتسعين وقيل قبلها ، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة .

                                                                                                          ( أنه قال : أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب ) أبا المنذر سيد القراء ( وتميما ) هو ابن أوس بن خارجة ( الديري ) كذا يرويه يحيى وابن بكير وغيرهما بالتحتية بعد الدال ، ورواه ابن القاسم والقعنبي والأكثر الداري بألف بعد الدال وكلاهما صواب لاجتماع الوصفين فيه ، فبالياء نسبة إلى دير كان فيه تميم قبل إسلامه وقيل إلى قبيلة وهو بعيد شاذ ، وبالألف نسبة إلى جده الأعلى الدار بن هاني عند الجمهور وقيل : إلى دارين مكان عند البحرين ، قال في المطالع : وليس في الموطأ والصحيحين داري ولا ديري إلا تميم ، ويكنى أبا رقية بقاف مصغر صحابي شهير أسلم سنة تسع وكان بالمدينة ثم سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان مات سنة أربعين .

                                                                                                          ( أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة ) قال الباجي : لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي حديث عائشة أنها سئلت عن صلاته في رمضان فقالت : " ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة " .

                                                                                                          وقال ابن عبد البر : روى غير مالك في هذا الحديث أحد وعشرون وهو الصحيح ولا أعلم أحدا قال فيه إحدى عشرة إلا مالكا ، ويحتمل أن يكون ذلك أولا ثم خفف عنهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين إلا أن الأغلب عندي أن قوله : إحدى عشرة وهم انتهى . ولا وهم مع أن الجمع بالاحتمال الذي ذكره قريب وبه جمع البيهقي أيضا .

                                                                                                          وقوله : إن مالكا انفرد به ليس كما قال فقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال : إحدى عشرة كما قال مالك .

                                                                                                          وروى سعيد بن منصور عن عروة : " أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء " ورواه محمد بن نصر عن عروة فقال : بدل تميم سليمان بن أبي حثمة ، قال الحافظ : ولعل ذلك كان في وقتين .

                                                                                                          ( قال ) السائب ( وقد كان القاري يقرأ بالمئين ) [ ص: 420 ] بكسر الميم وقد تفتح والكسر أنسب بالمفرد وهو مائة وكسر الهمزة وإسكان التحتية أي السور التي تلي السبع الطول أو التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص وقيل غير ذلك .

                                                                                                          ( حتى كنا نعتمد ) بنون ( على العصي ) بكسر العين والصاد المهملتين جمع عصا كقوله تعالى : وعصيهم ( سورة الشعراء : الآية 44 ) وفي نسخة : حتى يعتمد بتحتية وإسقاط لفظ كنا أي القاري فعلى العصا بالإفراد ( من طول القيام ) لأن الاعتماد في النافلة لطول القيام على حائط أو عصا جائز وإن قدر على القيام بخلاف الفرض .

                                                                                                          ( وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر ) قال الباجي : هي أوائله وأول ما يبدو منه .




                                                                                                          الخدمات العلمية