الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس قال مالك وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت إلي في صلاة الخوف

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          443 444 - ( مالك ، عن يحيى بن سعيد ) الأنصاري ( عن سعيد بن المسيب أنه قال : ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس ) عمدا للشغل بالقتال ، كما في حديث أبي سعيد عند أحمد والنسائي أنهم شغلوه - صلى الله عليه وسلم - عن الظهر والعصر والمغرب ، وصلوا بعد هوي من الليل ، وذلك قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف : فرجالا أو ركبانا ( سورة البقرة : الآية 239 ) وفي الترمذي والنسائي ، عن ابن مسعود أنهم شغلوه عن أربع صلوات [ ص: 628 ] يوم الخندق ، حتى ذهب من الليل ما شاء الله .

                                                                                                          وفي قوله : أربع ، تجوز ؛ لأن العشاء لم تفت ، ومقتضى حديث علي وجابر في الصحيحين وغيرهما أنه لم يفت غير العصر ، فمال ابن العربي إلى الترجيح ، فقال : إنه الصحيح .

                                                                                                          وجمع النووي بأن وقعة الخندق بقيت أياما ، فكان هذا في بعض الأيام وهذا في بعضها ، وقيل : أخرها نسيانا لا عمدا ، واستبعد وقوعه من الجميع ، وأما اليوم فلا يجوز تأخر الصلاة ، عن وقتها بسبب القتال ، بلى تصلى صلاة الخوف على حسب الحال .

                                                                                                          ( قال مالك : وحديث القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات : أحب ما سمعت إلي في صلاة الخوف ) يقتضي أنه سمع في كيفيتها صفات متعددة وهو كذلك ، فقد جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - فيها صفات ، حملها بعض العلماء على اختلاف الأحوال ، وآخرون على التوسع والتخيير ، ووافقه على ترجيح هذه الصفة الشافعي وأحمد وداود ، لسلامتها من كثرة المخالفة ، وكونها أحوط لأمر الحرب مع تجويزهم الصفة التي في حديث ابن عمر ، وظاهر كلام المالكية امتناعها .

                                                                                                          ونقل عن الشافعي أنها منسوخة ولم يثبت عنه .

                                                                                                          واختلفوا في رواية سهل في موضع واحد ، وهو أن الإمام هل يسلم قبل أن تأتي الطائفة الثانية بالركعة الثانية أو ينتظرها في التشهد ليسلموا معه ؟ وبالأول قال المالكية ، ولا فرق عندهم بين كون العدو في جهة القبلة أم لا .

                                                                                                          وفرق الشافعية والجمهور فحملوا حديث سهل على أن العدو كان في غير جهة القبلة ، فلذا صلى بكل طائفة وحدها ركعة ، أما إذا كان في جهتها فيحرم الإمام بالجمع ويركع بهم ويسجد ، فإذا سجد سجد معه صف وحرس صف كما في حديث ابن عباس ، وفي مسلم ، عن جابر : صفنا صفين والمشركون بيننا وبين القبلة .

                                                                                                          وقال السهيلي : اختلف الفقهاء في الترجيح ؛ فقالت طائفة : يعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن . وقالت طائفة : يجتهد في طلب أخيرها فإنه محمود لما قبله . وطائفة : يؤخذ بأصحها نقلا وأعلاها رواة . وطائفة : يؤخذ بجميعها على حسب اختلاف أحوال الخوف فإذا اشتد أخذ بأيسرها ؛ قاله في فتح الباري ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية