الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
638 حديث ثالث لأبي حازم

مالك ، عن أبي حازم بن دينار ، عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر .

التالي السابق


قال أبو عمر :

من السنة تعجيل الفطر ، وتأخير السحور ، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس ، ولا يجوز لأحد أن يفطر وهو شاك هل غابت [ ص: 98 ] الشمس أم لا ; لأن الفرض إذا لزم بيقين ، لم يخرج عنه إلا بيقين ، والله عز وجل يقول ثم أتموا الصيام إلى الليل وأول الليل مغيب الشمس كلها في الأفق عن أعين الناظرين ، ومن شك لزمه التمادي حتى لا يشك في مغيبها ، قال صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من هاهنا - يعني المشرق - وأدبر النهار من هاهنا - يعني المغرب - وغربت الشمس ، فقد أفطر الصائم .

حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، ومحمد بن إسماعيل ، قالا : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا هشام بن عروة قال أخبرني أبي ، قال : سمعت عاصم بن عمر بن الخطاب يحدث عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من هاهنا ، وغربت الشمس ، فقد أفطر الصائم .

واختلف الفقهاء فيمن أفطر وهو يظن أن الشمس قد غربت ، ثم بدت له بعد إفطاره :

فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث فيمن أكل وظنه ليلا ، ثم تبين له أنه نهار ، أو أفطر وهو يظن أن الشمس قد غربت ، فإذا بها لم تغرب ، فعليه القضاء .

وقال مجاهد وجابر بن زيد : لا قضاء عليه في شيء من ذلك كله ، وبه قال داود .

وقال الشافعي وعبيد الله بن الحسن : من أكل وهو شاك في الفجر ، فلا شيء عليه .

وقال الثوري : يتسحر الرجل ما شك حتى يرى الفجر .

[ ص: 99 ] وقال أبو حنيفة : إن كان أكثر ظنه في حين أكله أنه أكل بعد طلوع الفجر ، فأحب إلينا أن يقضي .

أخبرنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا وهب بن مسرة ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر أنهم أفطروا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم ، ثم طلعت الشمس ، فقلت لهشام : فأمروا بالقضاء ؟ قال : ومن ذلك بد .

أخبرنا أحمد بن محمد بن هشام ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم الديبلي ، قال : حدثنا علي بن زيد الفرائضي ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قال الله عز وجل : أحب عبادي إلي أسرعهم فطرا .

قال أبو عمر :

لم يسمع الأوزاعي هذا الحديث من الزهري بينهما قرة بن عبد الرحمن ، كذلك رواه ثقات أصحاب الأوزاعي ، وأما محمد بن كثير هذا ، فكثير الخطأ ، ضعيف النقل .

حدثنا أحمد بن قاسم ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر .

وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي في رمضان حتى يفطر ولو على شربة من ماء .

وقد مضت آثار هذا الباب في باب عبد الرحمن بن حرملة من هذا الكتاب .



الخدمات العلمية