الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
198 حديث سابع لسمي

مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه .

[ ص: 32 ]

التالي السابق


[ ص: 32 ] وهذا الحديث يوجب أن يقتصر الإمام على قول سمع الله لمن حمده ، وألا يقول معها ربنا ولك الحمد ، ويقتصر المأموم على ربنا لك الحمد ، ولا يقول معها سمع الله لمن حمده ، وقد ذكرنا اختلاف العلماء في ذلك ، وفي سائر معاني هذا الباب في باب ابن شهاب عن أنس وسعيد من هذا الكتاب ، فلا معنى لتكرير ذلك هاهنا .

ومعنى سمع الله لمن حمده : تقبل الله حمد من حمده . ومنه قولهم : سمع الله دعاءك ، أي : أجابه الله وتقبله .

وأما قوله في هذا الحديث : فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ، فقد مضى في باب ابن شهاب في معنى التأمين ما يدل على معنى هذا الباب - إن شاء الله ، والوجه عندي في هذا - والله أعلم - تعظيم فضل الذكر ، وأنه يحط الأوزار ويغفر الذنوب ، وقد أخبر الله عن الملائكة أنهم يستغفرون للذين آمنوا ويقولون ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ) ، فمن كان منه من القول مثل هذا بإخلاص واجتهاد ونية صادقة وتوبة صحيحة غفرت ذنوبه إن شاء الله ، ومثل هذه الأحاديث المشكلة المعاني البعيدة التأويل عن مخارج لفظها واجب ردها إلى الأصول المجتمع عليها وبالله التوفيق .

وقد روي عن عكرمة ما يدل على أن أهل السماء يصلون في حين صلاة أهل الأرض على نحو صلاة أهل الأرض ويؤمنون أيضا ، فمن وافق ذلك منهم غفر له ، والله أعلم . وكل ذلك ندب إلى الخير وإرشاد إلى البر ، وبالله التوفيق .




الخدمات العلمية