الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 137 ] حديث سابع ليحيى بن سعيد

مالك ، عن يحيى بن سعيد أنه سمع ، عن سعيد بن المسيب يقول : سمعت أبا هريرة يقول : اختتن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بالقدوم ، وهو ابن مائة ، وعشرين سنة ، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة .

التالي السابق


مثل هذا لا يكون رأيا ، وقد تابع مالكا على توقيف هذا الحديث جماعة ، عن يحيى بن سعيد منهم يحيى بن سعيد القطان ، وعلي بن مسهر .

ورواه الأوزاعي ، عن يحيى بن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اختتن إبراهيم ، وهو ابن عشرين ومائة سنة ، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة .

وروي مسندا رواية يحيى بن سعيد من وجوه منها ما ذكره ابن بكير ، عن الليث ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : اختتن إبراهيم حين بلغ ثمانين سنة ، واختتن بقدوم .

[ ص: 138 ] قال ابن بكير ، وحدثني بمثلها ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وروى يحيى القطان ، عن ابن عجلان سمع أباه سمع أبا هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

ورواه المغيرة بن عبد الرحمن ، وورقاء بن عمر اليشكري ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن حديث أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعا أن إبراهيم اختتن بعدما مر عليه ثمانون سنة ، واختتن بالقدوم .

حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف حدثنا عبيد الله بن محمد بن أبي غالب حدثنا محمد بن محمد بن بدر حدثنا رزق الله بن موسى حدثنا شبابة بن سوار حدثنا ، ورقاء بن عمر ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : اختتن إبراهيم بعدما مر عليه ثمانون سنة ، واختتن بالقدوم .

وذكر المروزي حديث الأوزاعي ، عن أبي الوليد أحمد بن عبد الرحمن قال : حدثنا الوليد قال : أخبرني أبو عمرو يعني الأوزاعي ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال [ ص: 139 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اختتن إبراهيم ، وهو ابن عشرين ومائة سنة ، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة .

قال : وحدثنا أبو قدامة قال : حدثنا يحيى ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : سمعت أبا هريرة يقول : اختتن إبراهيم ، وهو ابن عشرين ومائة سنة ، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة .

قال : وحدثنا همام قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال اختتن إبراهيم بالقدوم ، وهو ابن عشرين ومائة سنة .

قال سعيد ، وهو أول من اختتن ، وأول من أضاف الضيف ، وأول من استحد ، وأول من قلم الأظافر ، وأول من قص الشارب ، وأول من شاب ، فلما رأى الشيب قال ما هذا ؟ قال : وقار قال يا ربي زدني ، وقارا .

قال : وحدثنا أبو كامل قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثني عمارة قال : حدثني عكرمة قال أوحى الله إلى إبراهيم إنك قد أكملت الإسلام إلا بضعة منك ، فألقها ، فقدم يختن نفسه بالفأس ، فصرف بصره ، عن عورته أن ينظر إليها .

قال عكرمة ، واختتن إبراهيم ، وهو ابن ثمانين سنة قال : ولم يطف بالبيت بعد على ملة إبراهيم إلا مختون .

قال أبو عمر : هكذا قال عكرمة في إبراهيم إنه اختتن ، وهو ابن ثمانين سنة ، وقد قاله المسيب بن رافع كذلك ذكر المروزي قال : حدثنا محمد بن [ ص: 140 ] الصباح قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن المسيب بن رافع أوحى الله إلى إبراهيم أن تطهر ، فتوضأ ، فأوحى الله إليه أن تطهر ، فاغتسل ، فأوحى الله إليه أن تطهر ، فاختتن بالقدوم بعد ثمانين سنة .

وهذا هو المحفوظ في حديث عجلان ، وحديث الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد مضى القول في الختان في باب سعيد بن أبي سعيد ، وتقصينا هنالك ما للعلماء في ذلك .

وفي هذا الحديث دليل على جواز القول في سير الأنبياء ، والصالحين ، وفي معنى ذلك الحديث عن الماضين ، وأيام الناس جملة ، وبالله التوفيق .

قرأت على أبي عمر أحمد بن محمد بن أحمد أن أبا عبد الله محمد بن عيسى حدثهم قال سأل رجل يحيى بن أيوب بن بادي العلاف ، ونحن عنده ، عن ختان النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : قد طلبت ذلك عند أكثر من لقيت ممن كتبت عنه ، فلم أجده حتى أتيت محمد بن أبي السري العسقلاني في سفرتي الثانية ، فسألته عنه ، عند توديعي له منصرفا ، فقال : حدثني الوليد بن مسلم ، عن شعيب ، عن عطاء الخرساني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن عبد المطلب ختن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم سابعه وجعل له مأدبة ، وسماه محمدا ، وقد قيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولد مختونا ، فالله أعلم ، وقد ذكرنا ما للعلماء في هذا [ ص: 141 ] المعنى مجودا في باب سعيد بن أبي سعيد ، عند قوله - عليه السلام - خمس من الفطرة ، فذكر منها الختان .




الخدمات العلمية