الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1253 [ ص: 150 ] حديث حادي عشر ليحيى بن سعيد

يحيى ، عن سليمان بن يسار أربعة أحاديث

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار أن عبد الله بن عباس ، وأبا سلمة بن عبد الرحمن اختلفا في المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال ، فقال : أبو سلمة إذا وضعت ما في بطنها ، فقد حلت ، وقال ابن عباس آخر الأجلين ، فجاء أبو هريرة ، فقال : أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة ، فبعثوا كريبا مولى عبد الله بن عباس إلى أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألها ، عن ذلك ، فجاءهم ، فأخبرهم أنها قالت : ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال ، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قد حللت ، فانكحي من شئت .

التالي السابق


في هذا الحديث دليل على جلالة أبي سلمة ، وأنه مع الصحابة ، وأبو سلمة القائل لو رفقت بابن عباس لأخرجت منه علما .

وفيه دليل على أن العلماء لم يزالوا يتناظرون ، ولم يزل منهم الكبير لا يرتفع على الصغير ، ولا يمنعون الصغير إذا علم أن ينطق [ ص: 151 ] بما علم ، ورب صغير في السن كبير في علمه ، والله يمن على من يشاء بحكمته ، ورحمته .

وفيه دليل على أن المناظرة ، وطلب الدليل ، وموقع الحجة كان قديما من لدن زمن الصحابة هلم جرا لا ينكر ذلك إلا جاهل .

وفيه دليل على أن الحجة ، عند التنازع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما لا نص فيه من كتاب الله ، وفيما فيه نص - أيضا - إذا احتمل الخصوص ; لأن السنة تفيد مراد الله من كتابه .

قال الشافعي : - رحمه الله - من عرف الحديث قويت حجته ، ومن نظر في النحو رق طبعه ، ومن حفظ القرآن مثل قدره ، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم .

وقد مضى القول في معنى هذا الحديث في باب عبد ربه بن سعيد من هذا الكتاب ، وفي حديث عبد ربه أن الاختلاف في عدة الحامل المتوفى عنها كان بين أبي هريرة ، وابن عباس ، وأن أبا سلمة كان رسولهما إلى أم سلمة في ذلك ، وعبد ربه ثقة ، ويحيى ثقة ، والمعنى الذي له جلب مختلف فيه ، والحمد لله ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الوضع من الحامل المتوفى عنها انقضاء عدتها ، وهذا المعنى لم يختلف فيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي ذلك بيان لمراد الله من قوله ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) أنه عنى منهن من لم تكن حاملا .

[ ص: 152 ] وقد جاء عن علي ، وابن عباس في هذه المسألة ما قد ذكرناه ، وأوضحنا معناه في باب عبد ربه ، والحمد لله .

وحديث يحيى بن سعيد هذا ، عن سليمان بن يسار ليس عند القعنبي ، ولا ابن بكير في الموطأ ، وهو عند ابن وهب وجماعة .

حدثنا خلف بن قاسم حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا ابن وهب حدثنا مالك ، فذكره إلى آخره ، وبالله التوفيق .




الخدمات العلمية