الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
177 [ ص: 110 ] [ ص: 111 ] نافع ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، حديث واحد ، وهو حديث سادس وسبعون لنافع

مالك ، عن نافع ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن علي ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس القسي ، والمعصفر ، وعن تختم الذهب ، وعن قراءة القرآن في الركوع .

[ ص: 112 ]

التالي السابق


[ ص: 112 ] روى هذا الحديث عن نافع جماعة ، وعن إبراهيم بن عبد الله بن حنين جماعة ، وعن علي بن أبي طالب جماعة ، وأكثر من رواه يقول فيه ، عن علي : نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبعضهم يقول : ولا أقول نهاكم ، وهو حديث اختلف في إسناده ولفظه على نافع وعلى إبراهيم بن عبد الله بن حنين - اختلافا كثيرا ، وحنين جد إبراهيم هذا مولى العباس بن عبد المطلب ، وقيل : مولى علي بن أبي طالب ، وقيل : بل حنين هذا مولى مثقب ، ومثقب مولى مسحل ، ومسحل مولى شماس ، وشماس مولى العباس ، والحديث صحيح كما رواه مالك ومن تابعه .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن حنين مولى علي ، عن علي ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع : عن تختم الذهب ، وعن لبس القسي ، وعن قراءة القرآن وأنا راكع ، وعن لبس المعصفر كذا قال عبيد الله بن عمر : عن نافع ، عن ابن حنين مولى علي ، عن علي - لم يقل عن أبيه - والصواب فيه عن أبيه ، وكذلك رواه أيوب ولم يقمه عبيد الله ولا أيوب ، ورواه الزهري فجود إسناده .

حدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن راشد بن زولان [ ص: 113 ] قال : حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ، قال : أخبرنا نافع بن يزيد ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني إبراهيم بن حنين ، أن أباه حدثه ، أنه سمع علي بن أبي طالب يقول : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القراءة وأنا راكع ، وعن لبس الذهب والمعصفر هكذا قال : لبس الذهب ، وحديث نافع يفسره أنه تختم الذهب ، وليس في هذا الحديث عن ابن شهاب ذكر القسي ، وهو فيه محفوظ ، ورواه معمر ، عن ابن شهاب بإسناده مثله ، وزاد وعن قراءة القرآن في الركوع والسجود فزاد : السجود ، وكذلك قال داود بن قيس ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، قال : نهاني نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث لا أقول ونهى الناس - : نهاني عن تختم الذهب ، وعن لبس القسي ، والمعصفرة المفدمة ، وأن أقرأ ساجدا أو راكعا وكذلك روى ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه سمع عليا ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ راكعا أو ساجدا .

وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى عن محمد بن عجلان ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه [ ص: 114 ] عن ابن عباس ، عن علي ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خاتم الذهب ، وعن قراءة القرآن راكعا ، وعن القسية ، والمعصفر هكذا قال ابن عجلان ، وداود بن قيس ، والضحاك بن عثمان في هذا الحديث : عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن علي ، فزادوا ذكر ابن عباس .

وفي حديث ابن شهاب ، وغيره أن عبد الله بن حنين سمعه من علي ، وقد يجوز أن يسمعه من ابن عباس ، عن علي ثم يسمعه من علي ، ويجوز أن يسمعهما منهما معا ، وقد ذكر علي بن المديني ، عن يحيى بن سعيد أنه كان يذهب إلى أن عبد الله بن حنين سمعه من ابن عباس ومن علي ، ويقول : كان مجلسهما واحدا ، وتحفظاه جميعا .

حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا أبو إسماعيل ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن إبراهيم بن حنين أن أباه حدثه أنه سمع علي بن أبي طالب ، يقول : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خاتم الذهب ، ولبوس القسي ، والمعصفر ، وقراءة القرآن وأنا راكع .

وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد عن محمد بن عمرو ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أقول نهاكم وذكر مثله .

[ ص: 115 ] وحدثنا عبد الله ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا حفص بن عمر ، ومسلم بن إبراهيم ، قالا : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، عن علي ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خاتم الذهب ، وعن القسي ، وعن الميثرة الحمراء .

قال أبو عمر : النهي عن لباس الحرير ، وتختم الذهب إنما قصد به إلى الرجال دون النساء ، وقد أوضحنا هذا المعنى فيما تقدم من حديث نافع ، ولا نعلم خلافا بين علماء الأمصار في جواز تختم الذهب للنساء ، وفي ذلك ما يدل على أن الخبر المروي من حديث ثوبان ، ومن حديث أخت حذيفة ، عن النبي عليه السلام في نهي النساء عن التختم بالذهب - إما أن يكون منسوخا بالإجماع ، وبأخبار العدول في ذلك على ما قدمنا ذكره في حديث نافع أو ثابت ، فأما حديث ثوبان فإنه يرويه يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثنا أبو سلام ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، ولم يسمعه يحيى بن أبي سلام ولا يصح ، وأما حديث أخت حذيفة فيرويه منصور ، عن ربعي بن خراش ، عن امرأته ، عن أخت حذيفة ، قالت : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر النساء ، أما لكن في الفضة ما تحلينه ، أما إنكن ليس منكن امرأة تحلى ذهبا تظهره إلا عذبت به .

والعلماء على دفع هذا الخبر ; لأن امرأة ربعي مجهولة لا تعرف بعدالة ، وقد تأوله بعض من يرى الزكاة في الحلي من أجل منع الزكاة منه إن منعت ، ولو كان ذلك لذكر وهو تأويل بعيد .

[ ص: 116 ] وقد روى محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عن عائشة : أن النجاشي أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حلية فيها خاتم من ذهب فصه حبشي ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعود أو ببعض أصابعه وإنه لمعرض عنه ، فدعا ابنة ابنته أمامة بنت أبي العاصي ، فقال : تحلي بهذا يا بنية وعلى هذا القياس للنساء خاصة ، والله الموفق للصواب .

روى عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن سعيد بن أبي هند ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله عز وجل أحل لإناث أمتي الحرير والذهب ، وحرمها على ذكورها وقد ذكرنا هذا الخبر من طرق في باب نافع ، وأما قوله في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القسي ، فإنها ثياب مضلعة بالحرير يقال لها : القسية ، تنسب إلى موضع يقال له : قس ، ويقال : إنها قرية من قرى مصر ، وهي ثياب يلبسها أشراف الناس النساء ، قال النميري الشاعر : ولما رأت ركب النميري راعها وكن من أن يلقينه حذرات فأدنين حتى جاوز الركب دونها
حجابا من القسي والحبرات [ ص: 117 ] وقد مضى القول في لباس الحرير ، قليله وكثيره ، وما خالط الثياب منه - فيما تقدم من حديث نافع في هذا الكتاب ، وقد مضى هنالك ما للعلماء في ذلك من الكراهية جملة والإباحة ، وقد مهدنا القول وبسطناه بالآثار ، وأوضحناه في تختم الذهب وغيره مما يجوز أن يختم به في باب عبد الله بن دينار ، فتأمله تراه هناك إن شاء الله ، إلا أنا لم نذكر هناك شد الأسنان بالذهب ، وقد اختلف في شد الأسنان بالذهب ، فكرهه قوم ، وأباحه آخرون .

حدثنا عبد الله ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا الخضر ، حدثنا الأثرم ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يسأل : هل يضبب الرجل أسنانه بالذهب ؟ فقال : لا بأس بذلك ، قد فعل ذلك بالذهب خاصة جماعة من العلماء .

وذكره الأثرم ، عن المغيرة بن عبد الله ، وأبي جمرة الضبعي ، وأبي رافع ، ومسي بن طلحة وإسماعيل بن زيد بن ثابت - أنهم شدوا أسنانهم بالذهب . وعن إبراهيم ، والحسن ، والزهري أنهم لم يروا بذلك بأسا ، قال : وحدثني ابن الطباع ، قال : رأيت شريكا ، وحفص بن غياث قد شدا أسنانهما بالذهب ، قال : وسمعت أحمد بن حنبل يسأل عن رجل سقطت ثنيته ، فبانت منه ، فأخذها وأعادها ، فقال : أرجو ألا يكون به بأس ، ولم يرها ميتة ، وكان يكره مشط العاج ويقول : هو ميتة لا يستعمل .

وأما قراءة القرآن في الركوع ، فيجتمع أيضا أنه لا يجوز ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم .

[ ص: 118 ] وأجمعوا أن الركوع موضع تعظيم لله بالتسبيح والتقديس ونحو ذلك من الذكر ، وأنه ليس بموضع قراءة .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا علي بن حجر ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، قال : حدثنا سليمان بن سحيم ، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عباس ، قال : كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الستر - ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه - قال اللهم هل بلغت ؟ - ثلاث مرات - إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له ، ألا وإني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود ، فإذا ركعتم فعظموا الرب ، وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء ، فإنه قمن أن يستجاب لكم .

واختلفت الفقهاء في تسبيح الركوع والسجود ، فقال ابن القاسم ، عن مالك : إنه لم يعرف قول الناس في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى وأنكره ، ولم يجد في الركوع والسجود دعاء مؤقتا ولا تسبيحا ، وقال : إذا أمكن يديه من ركبتيه في الركوع ، وجبهته من الأرض في السجود ، فقد أجزأ عنه .

وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبو ثور ، وأحمد ، وإسحاق : يقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، [ ص: 119 ] وفي السجود : سبحان ربي الأعلى - ثلاثا ، وقال الثوري : أحب للإمام أن يقولها خمسا في الركوع والسجود حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات ، ويحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - : أما الركوع فعظموا فيه الرب يقول : سبحان ربي العظيم ، فيكون حديث عقبة مفسرا لحديث ابن عباس .

ومحتمل أن يكون بما وقع عليه معنى التعظيم من التسبيح والتقديس ونحو ذلك ، والآثار في هذا الباب تحتمل الوجهين جميعا ، والله أعلم .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، وأحمد بن قاسم ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، قال : حدثنا موسى بن أيوب ، عن عمه إياس بن عامر الغافقي ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال : لما نزلت ( فسبح باسم ربك العظيم ) قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجعلوها في ركوعكم ، فلما نزلت ( سبح اسم ربك الأعلى ) قال لنا : اجعلوها في سجودكم .

وحدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن بكر بن داسة ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا حفص بن محمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : قلت لسليمان - يعني الأعمش - : أدعو في [ ص: 120 ] الصلاة إذا مررت بآية تخوف ؟ فحدثني عن سعد بن عبيدة ، عن مستورد ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى ، وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل ، ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ .

وروى الشعبي ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة أن النبي عليه السلام كان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم وبحمده - ثلاثا - وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى وبحمده - ثلاثا - .

وروى نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن النبي عليه السلام مثله ، وروى السعدي عن النبي عليه السلام مثله .

قال أبو عمر : وقد روي عن النبي عليه السلام أنه كان يقول في ركوعه وسجوده أنواعا من الذكر منها : حديث مطرف عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، ومنها حديث أبي بكرة أن النبي عليه السلام كان يدعو في سجوده يقول : اللهم إني أعوذ بك من الكفر ، والفقر ، وعذاب القبر ، ومنها حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي عليه السلام يقول في ركوعه وسجوده : سبحان ذي الجبروت ، والملكوت ، والكبرياء ، والعظمة ، وهذا كله يدل على أن لا تحديد فيما [ ص: 121 ] يقال في الركوع والسجود من الذكر والدعاء ، ولكن أكثر الفقهاء في صلاة الفريضة على التسبيح بسبح اسم ربك العظيم - ثلاثا - في الركوع ، وسبح اسم ربك الأعلى - ثلاثا - في السجود ، وحملوا سائر الأحاديث على النافلة ، وأما مالك وأصحابه فالدعاء أحب إليهم في السجود ، وتعظيم الله وتحميده في الركوع على حديث ابن عباس ، وكل ذلك حسن ، والحمد لله .

وأما لباس المعصفر المفدم وغيره من صباغ المعصفر للرجال فمختلف فيه ، أجازه قوم من أهل العلم ، وكرهه آخرون ، ولا حجة مع من أباحه إلا أن يدعي أن ذلك خصوص لعلي ; لقوله : نهاني ولا أقول نهى الناس ، وبعضهم يقول فيه : ولا أقول نهاكم ، وهذا اللفظ محفوظ في حديث علي هذا من وجوه ، وليس دعوى الخصوص فيه بشيء ; لأن الحديث في النهي عنه صحيح من حديث علي وغيره ، والحجة في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا فيما خالفها .

أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا مخلد بن خالد ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا أركب الأرجوان ، ولا ألبس المعصفر ، ولا ألبس القميص المكفف بالحرير ، قال : وأومأ الحسن إلى جيب قميصه ، قال : وقال : ألا وطيب الرجال ريح لا لون له ، ألا وطيب النساء [ ص: 122 ] لون لا ريح له ، قال سعيد : أراه قال : إنما حملوا قوله في طيب النساء على أنها إذا أرادت أن تخرج ، وأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت .

وحدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثنا علي بن المديني ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا أركب الأرجوان ، ولا ألبس القميص المكفف بالحرير .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا جعفر بن محمد ، قال : حدثنا داود بن عمرو ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، وشرحبيل بن مسلم ، عن شفعة السمعي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : أتيت النبي عليه السلام وعلي ثوبان معصفران ، فلما رآني قال : من يحول بيني وبين هذه النار ؟ فقلت : يا رسول الله ، ما أصنع بهما ؟ قال : أحرقهما .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، حدثنا ابن بكير ، قال : حدثني الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : دخلت يوما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي ثوبان [ ص: 123 ] معصفران ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما هذان الثوبان ؟ قلت : صبغتهما أم عبد الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أقسمت عليك إلا رجعت فأمرتها أن توقد لهما التنور ثم تطرحهما ، قال : فرجعت إليها ففعلت .

قال أبو عمر : هذا يحتمل أن يكون عقوبة لنهيه عن ذلك ; لئلا يعود رجل إلى لباسها - أعني الثياب المعصفرة - وقوله : أقسمت عليك دليل على أن حرقها أحق بواجب ، ولكن الكراهة فيها صحيحة للرجال خاصة ، وأما النساء فإن العلماء لا يختلفون في جواز لباسهن المعصفر المفدم والمورد والممشق .

وقد روي عن مالك ، وبعض المدنيين أنهم كانوا يرخصون للرجال في لباس المورد والممشق .

وقال ابن القاسم ، عن مالك : أكره المعصفر المفدم للرجال والنساء أن يحرموا فيه ; لأنه ينتقض ، قال مالك : وأكرهه أيضا للرجال في غير الإحرام .

قال أبو عمر : المفدم عند أهل اللغة : المشبع حمرة ، والمورد دونه في الحمرة ، كأنه - والله أعلم - مأخوذ من لون الورد ، وأما الممشق فطين أحمر يصبغ به هو المغرة أو شبهها ، يقال للثوب المصبوغ به : ممشق .

وقد ذكر الضحاك بن عثمان في هذا الحديث المعصفر المفدم ، وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، ومحمد بن محمد ، وأحمد بن عبد الله قالوا : [ ص: 124 ] حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله ، قال : حدثنا يحيى بن المغيرة أبو سلمة المخزومي ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، عن الضحاك - يعني ابن عثمان - عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب أنه قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أقول نهاكم - عن تختم الذهب ، وعن لبس القسي ، وعن لبس المفدم المعصفر ، وعن القراءة راكعا .

قال أبو عمر : لم يذكر المفدم غير الضحاك بن عثمان ، وليس بحجة ، والذي يقتضيه حديث علي ، وعبد الله بن عمرو - النهي عن لباس كل ثوب معصفر للرجال ; لأنه لم يخص فيه نوع من صباغ المعصفر من نوع ، والنبي عليه السلام إنما بعث مبينا معلما فلو كان منه نوع تقتضيه الإباحة لبينه ولم يشمله ويشكل به ; لأنه كان قد أوتي جوامع الكلام ، ونصح لأمته ، وبلغهم ، وعلمهم مما علمه - صلى الله عليه وسلم - .




الخدمات العلمية