الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
503 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى ، فإن التراب له طهور . رواه أبو داود ، ولابن ماجه معناه .

التالي السابق


503 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا وطئ " ) : بكسر الطاء بعده همزة ) أي : قرب ومسح وداس ( أحدكم بنعله ) : وفي معناه الخف ( الأذى ) : أي النجاسة يعني فتنجس ( فإن التراب ) أي : بعده ( له ) أي : لنعل أحدكم ، ورجع الضمير للأذى مفسد للمعنى ( طهور ) : أي : مطهر .

قال في شرح السنة : ذهب أكثر أهل العلم إلى ظاهر الحديث ، وقالوا : إذا أصاب أكثر الخف أو النعل نجاسة فدلكه بالأرض حتى ذهب أكثرها فهو طاهر ، وجازت الصلاة فيها ، وبه قال الشافعي في القديم ، وقال في الجديد : لا بد من الغسل بالماء ، فيئول هذا الحديث بأن الوطء على نجاسة يابسة فيتشبث شيء منها ويزول بالدلك ، كما أول حديث أم سلمة الآتي بأن السؤال إنما صدر فيما جر من الثياب على ما كان يابسا من القذر ، إذ ربما يتشبث شيء منها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن المكان الذي بعده يزيل ذلك عنه ; لأن الإجماع منعقد على أن الثوب إذا أصابته نجاسة لا يطهر إلا بالغسل . قال التوربشتي : بين الحديثين بون بعيد ، فإن حديث أم سلمة على ظاهره يخالف الإجماع ; لأن الثوب لا يطهر إلا بالغسل ، بخلاف الخف فإن جماعة من التابعين ذهبوا إلى أن الدلك يطهره على أن حديث أبي هريرة حسن لم يطعن فيه ، وحديث أم سلمة مطعون فيه ; لأن ممن يرويه أم ولد لإبراهيم وهي مجهولة . قيل : كان الشيخ يحمل الثوب على النجاسة اليابسة ردا لقول محيي السنة : إنهما محمولان على اليابسة ، وحديث الخف على الرطبة ، والظاهر أن كلاهما محمول على الرطبة إذ قال الأول : طهوره التراب ، وفي الثاني : يطهره ما بعده ولا تطهر إلا بعد النجاسة ، ويؤيد هذا التأويل الحديث الأول من الفصل الثالث من هذا الباب ، وبناء الأمر على اليسر ودفع الحرج ، قاله الطيبي . وفيه أن قول أبي حنيفة في ظاهر الرواية : إن الخف إنما يطهر بالدلك إذا جفت النجاسة عليه ، بخلاف الرطبة ، نعم عن أبي يوسف أنه إذا مسحه على وجه المبالغة والنجاسة متجسدة كالعذرة والروث والمني تطهره إذا كان بحيث لا يبقى لها أثر ، وعليه الفتوى لعموم البلوى ، وإن لم تكن النجاسة متجسدة كالخمر والبول لا تطهر إلا بالغسل كذا ذكره قاضي خان ( رواه أبو داود ) : أي : كذا اللفظ ، وفي سنده رجل مجهول ، كذا نقله السيد عن التخريج ، وتقدم عن ابن الهمام أن حديث أبي هريرة حسن لم يطعن فيه ، وكان الرجل المجهول معلوما عنده ، أو جهالته بكثرة الطرق ترتفع مضرتها . وفي رواية له : إذا وطئ أحدكم الأذى بخفه فطهوره التراب " نقله ميرك . ( ولابن ماجه معناه ) . قال ابن حجر : وسنده حسن .




الخدمات العلمية