الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

5492 - عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : ما سأل أحد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدجال بأكثر مما سألته ، وإنه قال لي : " ما يضرك ؟ " قلت : إنهم يقولون : إن معه جبل خبز ونهر ماء . قال : " هو أهون على الله من ذلك " . متفق عليه .

التالي السابق


الفصل الثالث

5492 - ( عن المغيرة بن شعبة قال : ما سأل أحد رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - عن الدجال بأكثر مما سألته ) أي : عنه ، ( وإنه ) : بكسر الهمزة ، والواو للحال أو لعطف الجملة الثانية على المنفية ، والتقدير وقال : إنه ، والواو لمطلق الجمع ، والضمير للشأن أو له - صلى الله تعالى عليه وسلم - ( قال لي : " ما يضرك " ) ؟ قال الطيبي - رحمه الله : الجملة حال ، والمعنى : كنت مولعا بالسؤال عن الدجال ، مع أنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال : ما يضرك ، فإن الله تعالى كافيك شره . أقول : والظاهر أن الجملة إخبارية تقريرية ، ويمكن أن تكون خبرية لفظا وفي المعنى دعائية ، وإنما أتى بصيغة المضارع لتوقع وجوده في الاستقبال ، والله تعالى أعلم بالحال . ( قلت : إنهم ) أي : الناس ، أو أهل الكتاب ، أو اليهود ( يقولون : إن معه جبل خبز ) : بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة فزاي أي : معه من الخبز قدر الجبل ، وفي نسخة جبل خبز ، وهي كذا في المصابيح ، وكأنه تصحيف ( ونهر ماء ) : بفتح الهاء وهو أفصح ، وتسكن وهو أشهر ، وفيه إشارة إلى أن في زمانه قحط الماء أيضا ابتلاء للعباد ، وزوالا للبركة في البلاد لعموم الفساد ، وهذا سؤال مستقل لا تعلق له بما قبله ، وأبعد الطيبي - رحمه الله - في قوله : قلت : إلى آخره استئناف جواب عن سؤال مقدر أي : سألته يوما ، فقال لي : ما يضرك أي : ما يضلك ؟ قلت : كيف ما يضلني وإنهم يقولون : إن معه جبل خبز ، ( قال : " هو أهون على الله من ذلك " ) أي : الدجال هو أحقر أن من الله تعالى يحقق له ذلك ، وإنما هو تخييل وتمويه للابتلاء ، فيثبت المؤمن ويزل الكافر ، أو المراد أنه أهون من أن يجعل شيئا من ذلك آية على صدقه ، ولا سيما قد جعل فيه آية ظاهرة في كذبه وكفره ، ويقرأها من لا يقرأ . أو في شرح مسلم قال القاضي - رحمه الله : معناه هو أهون على الله من أن يجعل ما خلق الله تعالى على يده مضلا للمؤمنين ومشككا لقلوبهم ، بل إنما جعله الله ليزداد الذين آمنوا إيمانا ، ويلزم الحجة على الكافرين والمنافقين ونحوهم ، وليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية