الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5568 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن حوضي أبعد من أيلة من عدن ، لهو أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل باللبن ، ولآنيته أكثر من عدد النجوم ، وإني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه " . قالوا : يا رسول الله ! أتعرفنا يومئذ ؟ قال : " نعم لكم سيماء ليست لأحد من الأمم ، تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء " . رواه مسلم .

التالي السابق


5568 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : إن حوضي ) أي : بعد ما بين طرفي حوضي ( أبعد من أيلة ) : بفتح فسكون تحتية ، أي : أزيد من بعد أيلة ، وهي بلدة على الساحل من آخر بلاد الشام مما يلي بحر اليمن ( من عدن ) : بفتحتين يصرف ولا يصرف ، وهو آخر بلاد اليمن مما يلي بحر الهند . قال الطيبي - رحمه الله : ( من ) الأولى متعلقة بأبعد ، والثانية متعلقة ببعد مقدر ، ثم التوفيق بين هذا الحديث وبين الخبر الآتي : ما بين

[ ص: 3537 ] عدن وعمان ، وهو بفتح المهملة وتشديد الميم ، اسم بلد بالشام وما بين صنعاء والمدينة ، ونحو ذلك بأن ذلك الإخبار على طريق التقريب لا على سبيل التحديد والتفاوت بين اختلاف أحوال السامعين في الإحاطة به علما . قال القاضي - رحمه الله : اختلاف الأحاديث في مقدار الحوض لأنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - قدره على سبيل التمثيل والتخمين ، لكل أحد على حسب ما رواه وعرفه . ( لهو ) : بضم الهاء ويسكن واللام للابتداء ، أي : لحوضي ( أشد بياضا من الثلج ) ، ولعله - صلى الله تعالى عليه وسلم - رأى الثلج في أرض الشام ( وأحلى ) أي : ألذ ( من العسل باللبن ) أي : المخلوط به ( ولآنيته ) : جمع إناء ، أي : ولظروفه من كيزانه وغيرها ( أكثر من عدد النجوم ، وإني لأصد ) أي : أدفع وأمنع ( الناس ) أي : المنافقين والمرتدين ( عنه ) أي : الحوض ( كما يصد الرجل ) أي : الراعي ( إبل الناس ) أي : الأجانب ( عن حوضه ) أي : صيانة عن المشاركة والمحافظة ( قالوا ) أي : بعض الصحابة ( أتعرفنا ) أي : تميزنا من غيرنا ( يومئذ ؟ قال : نعم لكم سيما ) : بالقصر وقد يمد وهو العلامة ، قال تعالى : سيماهم في وجوههم من آثر السجود ، ( ليست ) أي : تلك السيما ( لأحد من الأمم ) ; إذ المقصود التمييز بمنزلة العلم ( تردون ) : بكسر الراء من الورود أي : تمرون ( علي غرا ) : جمع الأغر ، وهو من في جبهته بياض ( محجلين ) : بتشديد الجيم المفتوحة جمع محجل ، وهو الذي في يديه ورجليه بياض ( من أثر الوضوء ) : بضم الواو أي استعماله ، وفي نسخة بالفتح ، أي : ماء الوضوء ، ونصبهما على الحال ، والظاهر أن المراد بالسيما ما ذكر من الوصفين ; فهما من مختصات هذه الأمة ، وإن كان الخلاف موجودا في كون الوضوء هل كان لسائر الأنبياء وأممهم أو لا ؟ وإنما كان لهذه الأمة . وقال بعضهم : وكان أيضا للأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - دون أممهم ، وفي هذا فضيلة عظمى ومرتبة كبرى للأمة المرحومة . ( رواه مسلم ) . أي عن أبي هريرة .




الخدمات العلمية