الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5570 - وفي أخرى له عن ثوبان قال : سئل عن شرابه ، فقال : " أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل يغت ، فيه ميزابان يمدانه من الجنة : أحدهما من ذهب والآخر من ورق " .

التالي السابق


5570 - ( وفي أخرى له ) أي : وفي رواية أخرى لمسلم ( عن ثوبان قال : سئل : أي النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - على ما هو الظاهر من السياق ( عن شرابه ) أي : صفة مشروبه ( فقال : أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل يغت ) : بضم الغين المعجمة وتكسر وبتشديد الفوقية ، أي : يصب ويسيل ( فيه ) أي : في الحوض ( ميزابان ) ، قال القاضي - رحمه الله : أي يدفق دفقا متتابعا دائما بقوة ، فكأنه من ضغط الماء لكثرته عند خروجه ، وأصل الغت الضغط والميزاب بكسر الميم . وقال الحافظ أبو موسى : بفتحها أيضا من وزب الماء أي سال ، فأصل ميزاب نوزاب ، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، ولا يظهر وجه فتح الميم ، ففي القاموس : أزب الماء كضرب جرى ومنه الميزاب ، أو هو فارسي معرب ، أي : بل الماء ، فعلى هذا يجوز أن يهمز الميزاب وأن يبدل همزه ياء ، وقال أيضا : وزب الماء سال ومنه الميزاب ، أو هو فارسي معرب ، ومعناه بل الماء ، فعربوه بالهمز ; ولهذا جمعوه مآزيب . ( يمدانه ) : بضم الميم ، وفي نسخة بضم الياء وكسر الميم ، أي : يزيدان الحوض في مائه ( من الجنة ) أي : من أنهارها ، أو من الحوض الذي له في الجنة المعبر عنه بالنهر الكوثر ( أحدهما من ذهب والآخر من ورق ) : بكسر الراء ويسكن ، أي : من فضة ، والقصد بهما الزينة باختلاف لون الأصفر والأبيض ، لا لكون الذهب عزيز الوجود هناك قياسا على ما في الدنيا ، ويمكن أن يكون ميزاب الذهب من نهر العسل ، وميزاب الفضة من نهر اللبن ، أو أحدهما من الماء ، والآخر من العسل ، أو اللبن يخلط به في الحوض ، والله تعالى أعلم .

[ ص: 3538 ]



الخدمات العلمية