الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5587 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة ، وآخر أهل النار خروجا منها ، رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، وارفعوا عنه كبارها ، فتعرض عليه صغار ذنوبه ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا ، كذا وكذا ؟ وعملت يوم كذا وكذا ، كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه . فقال له : فإن لك مكان كل سيئة حسنة . فيقول : رب قد عملت أشياء لا أراها هاهنا " . وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه . رواه مسلم .

التالي السابق


5587 - ( وعن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة ) أي : فيها ( وآخر أهل النار خروجا منها ، رجل يؤتى به يوم القيامة فيقول : اعرضوا ) : بكسر الهمزة والراء أي : أظهروا ( عليه صغار ذنوبه ، وارفعوا عنه كبارها ) أي : بمحوها أو بإخفائها ، ( فتعرض عليه صغار ذنوبه ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا ) أي : في الوقت الفلاني ( كذا وكذا ) ؟ أي : من عمل السيئات ، ( وعملت يوم كذا وكذا ، كذا وكذا ) ؟ أي : من ترك الطاعات ، ( فيقول : نعم ) أي : في كل منهما ، أو بعدهما جميعا ( لا يستطيع أن ينكر ) أي : شيئا منهما استئناف ، أو حال ( وهو ) أي : الرجل ( مشفق ) أي : خائف ( من كبار ذنوبه أن تعرض ) أي : تلك الكبار ( عليه ) ; لأن العذاب المترتب عليها أكثر وأكثر ، ( فيقال له : فإن لك مكان كل سيئة حسنة ) : وهو إما لكونه تائبا إلى الله تعالى ، وقد قال تعالى : إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم

[ ص: 3562 ] حسنات
، لكن يشكل بأنه كيف يكون آخر أهل النار خروجا ، ويمكن أن يقال : فعل بعد التوبة ذنوبا استحق بها العقاب ، وإما وقع التبديل له من باب الفضل من رب الأرباب ، والثاني أظهر ، ويؤيده أنه حينئذ يطمع في كرم الله سبحانه ( فيقول : رب قد عملت أشياء ) أي : من الكبائر ( لا أراها هاهنا ) أي : في الصحائف ، أو في مقام التبديل ، ( ولقد رأيت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه . رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية