الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5606 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يرد الناس النار ، ثم يصدرون منه بأعمالهم ، فأولهم كلمح البرق ، ثم كالريح ، ثم كحضر الفرس ، ثم كالراكب في رحله ، ثم كشد الرجل ، ثم كمشيه " . رواه الترمذي ، والدارمي .

التالي السابق


5606 - ( وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : يرد الناس النار ) : يرد على وزن يعد مضارع من الورود بمعنى الحضور ، يقال : وردت ماء كذا أي حضرته ، وإنما سماه ورودا لأن المارة على الصراط يشاهدون النار ويحضرونها ; وعلى هذا يئول قوله تعالى : وإن منكم إلا واردها وفيه إيماء إلى أنهم حينئذ في العطش الشديد ، وإنما مروا على الصراط للوصول إلى الحوض المورود . قال التوربشتي - رحمه الله : الورود لغة قصد الماء ، ثم يستعمل في غيره ، والمراد منه هاهنا الجواز على جسر جهنم . ( ثم يصدرون منها ) : بضم الدال أي ينصرفون عنها ; فإن الصدر إذا عدي بمن اقتضى الانصراف ، وهذا على الاتساع ومعناه النجاة ; إذ ليس هناك انصراف ، وإنما هو المرور عليها ، فوضع الصدر موضع النجاة ; للمناسبة التي بين الصدور والورود .

قال الطيبي - رحمه الله : ثم في ثم يصدرون مثلها في قوله تعالى : ثم ننجي الذين اتقوا في أنها للتراخي في الرتبة لا الزمان ، بين الله تعالى التفاوت بين ورود الناس النار ، وبين نجاة المتقين منها ، فكذلك بين رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - التفاوت بين ورود الناس النار ، وبين صدورهم منها ، على أن المراد بالصدور الانصراف انتهى . والحاصل أن الخلق بعد شروعهم في الورود يتخلصون من خوف النار ، ومشاهدة رؤيتها ، وملاصقة لهبها ودخانها ، وتعلق شوكها ، وأمثالها على مراتب شتى في سرعة المجاوزة وإبطائها ، ( بأعمالهم ) أي : بحسب مراتب [ ص: 3572 ] أعمالهم الصالحة ، ( فأولهم ) أي : أسبقهم ( كلمح البرق ) أي : الخاطف ، ( ثم كالريح ) أي : العاصف ، ( ثم كحضر الفرس ) أي : جريه وهو بضم الحاء وسكون الضاد العدو الشديد ، ( ثم كالراكب في رحله ) أي : على راحلته ، وعداه بفي لتمكنه من السير ، كذا قاله الطيبي - رحمه الله - وقيل : أراد الراكب في منزله ومأواه ; فإنه يكون حينئذ السير والسرعة أشد ( ثم كشد الرجل ) أي : عدوه وجريه ، ( ثم كمشيه ) أي : كمشي الرجل على هينته . ( رواه الترمذي ، والدارمي ) .




الخدمات العلمية