الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5669 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال له : يا ابن آدم ، هل رأيت خيرا قط ، هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة ، فيصبغ صبغة في الجنة ، فيقال له : يا ابن آدم ، هل رأيت بؤسا قط ؟ وهل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ، ما مر بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط " . رواه مسلم .

التالي السابق


5669 - ( وعن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا ) الباء للتعدية أي ؟ يحضر أشدهم تنعما وأكثرهم ظلما لقوله : ( من أهل النار ) " من " بيانية في محل حال ( يوم القيامة ) ، ظرف " يؤتى " ( فيصبغ ) بصيغة المجهول " يغمس ( في النار صبغة ) بفتح الصاد أي غمسة ، إطلاقا للملزوم على اللازم ، فإن الصبغ إنما يكون بالغمس غالبا ، وفي " النهاية " : أي يغمس في النار غمسة ، كما يغمس الثوب في الصبغ ( ثم يقال ) أي له ( يا ابن آدم ، هل رأيت خيرا ) أي نعمة ( قط ؟ هل مر بك نعيم قط ) ؟ أي في زمان من الأزمنة . وفي الكلام مبالغة لا تخفى حيث أوقع الاستفهام على مجرد الرؤية والمرور دون الذوق والتمتع والسرور ، ( فيقول : لا ) أي ما رأيت ( والله يا رب ) نفي مؤكد بالقسم والنداء في الجواب ، لما أنسته شدة العذاب ما مضى عليه من نعيم الدنيا ، أو ما بعده من النعيم نظرا إلى مآله وسوء حاله ، فأي نعيم آخره الجحيم ، وأي شدة مآلها الجنة كما قال : ( ويؤتى بأشد الناس بؤسا ) بضم الموحدة أي شدة ومشقة ومحنة لما كان فيه من فاقة وحاجة وبلية ( في الدنيا ) أي أولا ( من أهل الجنة ) مآلا ( فيصبغ صبغة في الجنة ) ، أي في أنهارها أو الكوثر منها ، ( فيقال له : يا ابن آدم ، هل رأيت بؤسا قط ؟ وهل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ، ما مر بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط ) ، وكأنه أطنب إلى الجواب تلذذا بالخطاب وقلب الكلام للفرح التام . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية