الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5745 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه ترك فيه موضع لبنة ، فطاف به النظار ، يتعجبون من حسن بنائه ، إلا موضع تلك اللبنة ، فكنت أنا سددت موضع اللبنة ، ختم بي البنيان وختم بي الرسل وفي رواية : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين متفق عليه .

التالي السابق


5745 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : مثلي ) أي : ، صفتي العجيبة الشأن الغريبة البرهان ( ومثل الأنبياء ) أي : من الإخوان المشتركين في أساس البنيان من التوحيد وتحقيق الإيمان وتدقيق الإيقان مما يوجب مرتبة القرب والإحسان ( كمثل قصر ) أي : بناء مرتفع ( أحسن بنيانه ) أي : زين بناء أركانه ( ترك منه ) أي : من القصر ( موضع لبنة ) : والجملة استئناف بيان أو حال بتقدير قد أو بدونه ( فطاف به النظار ) : بضم النون وتشديد الفاء المعجمة أي : دار به الحاضرون ، وتفرج في جوانبه الناظرون ( يتعجبون من حسن بنيانه ) أي : يستحسنون أنواع أركانه ( إلا موضع تلك اللبنة ) ، فإنه خارج عن موضع الاستحسان داخل في موضع الاستغراب في ذلك الشأن ( فكنت ) أي : فصرت ( أنا ) : ضمير فصل للتأكيد وإفادة الحصر على وجه التأبيد ( سددت موضع اللبنة ) ، أي : لكوني خاتم النبيين ( وختم بي البنيان ) : حال أو استئناف بيان والمراد به بنيان الدين المشبه بذلك البنيان ( وختم بي الرسل ) . الظاهر أنهم هنا بمعنى الأنبياء أما على القول بالترادف أو باعتبار التجريد لأن الرسول نبي أمر بالتبليغ ويدل عليه قوله : وفي رواية : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين ) : بكسر التاء ويفتح ، فيه إيماء إلى ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .

قال الطيبي : هذا من التشبيه التمثيلي شبه الأنبياء وما بعثوا من الهدى والعلم ، وإرشادهم الناس إلى مكارم الأخلاق بقصر شيد بنيانه وأحسن بناؤه ، لكن ترك منه ما يصلحه ، وما يسد خلله من اللبنة ، فبعث نبيا لسد ذلك الخلل مع مشاركته إياهم في تأسيس القواعد ورفع البنيان ، هذا على أن يكون الاستثناء منقطعا ، ويجوز أن يكون متصلا من حيث المعنى ، إذ حاصل المعنى تعجبهم المواضع إلا موضع تلك اللبنة ، وليس ذلك المصلح إلا ما اختص به من معنى المحبة وحق الحقيقة الذي يعتنيه أهل العرفان ، وقوله : أنا سددت موضع اللبنة ، يحتمل أن يكون هو الساد بلبنة ذلك الموضع ، وأن يسده بنفسه ، ويكون بمنزلة اللبنة ، ويؤيد هذه الرواية الأخرى من قوله : فأنا اللبنة . ( متفق عليه ) .

[ ص: 3674 ]



الخدمات العلمية