الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5770 - وعن جابر ، رضي الله عنه ، أن النبي قال : ( إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق ، وكمال محاسن الأفعال رواه في ( شرح السنة ) .

التالي السابق


5770 - ( وعن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق ) ، جمع مكرمة خصلة يستحق الشخص بها أن يكون كريما ، والمراد من الأخلاق الأحوال ، ولذا قوبل بقوله : ( وكمال محاسن الأفعال ) . للأمور الظاهرة من العبادات والأقوال ، والمحاسن جمع حسن على خلاف القياس ، وحاصله أن شريعته أفضل الأفعال ، وطريقته أكمل الأحوال . قال ابن الملك أي : أرسلني إلى العالم ليتمم بوجودي مكارم أخلاق عباده ، وليكمل محاسن أفعالهم . قال الطيبي : الإضافة فيهما من باب إضافة الصفة إلى الموصوف . قال الراغب : كل شيء يشرف في بابه فإنه يوصف بالكرم قال تعالى : وأنبتنا فيها من كل زوج كريم ، ومقام كريم و إنه لقرآن كريم وإذا وصف الله تعالى به ، فهو اسم لإحسانه وإنعامه المتظاهر ، وإذا وصف به الإنسان اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه ، ولا يقال : هو كريم حتى يظهر ذلك منه اه . وكلامه ينظر إلى أن العطف للتأكيد ، وما قدمناه أولى لكونه من التأسيس والتقييد للتأييد .

[ ص: 3692 ] قال الطيبي : ومعنى هذا الحديث ، وحديث أبي هريرة : ( مثلي ومثل الأنبياء ) إلى قوله : ( أنا سددت موضع اللبنة ) يلتقيان في معنى إتمام الناقص اه . والذي تقدم في المعنى أتم والله أعلم . ( رواه ) أي : البغوي في ( شرح السنة بإسناده ) ورواه ابن سعد والبخاري في الأدب المفرد ، والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة : ( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) وروى الحكيم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنهما : مكارم الأخلاق عشرة ، تكون في الرجل ولا تكون في ابنه ، وتكون في الابن ولا تكون في الأب ، وتكون في العبد ولا تكون في سيده ، يقسمها الله لمن أراد له السعادة : صدق الحديث ، وصدق اليأس ، وإعطاء السائل ، والمكافأة بالصنائع ، وحفظ الأمانة ، وصلة الرحم ، والتذمم للجار ، والتذمم للصاحب ، وإقراء الضيف ، ورأسهن الحياء . والتذمم : أن يرعى ذمامه أي حرمته ، وقد روى البزار عن أبي عمر مرفوعا : ( اللهم اهدني لصالح الأعمال والأخلاق لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت ) .




الخدمات العلمية