الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5817 - وعن عائشة ، قالت : ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين . قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيء قط إلا أن ينتهك حرمة الله فينتقم الله بها . متفق عليه .

التالي السابق


5817 - ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما خير ) أي : ما جعل مخيرا ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا أخذ ) أي : اختار كما في رواية الترمذي ( أيسرهما ما لم يكن ) أي : الأمر الأيسر ( إثما ) أي : ذا إثم . وفي رواية .

[ ص: 3716 ] الترمذي ما لم يكن مأثما أي إثما أو موضع إثم بناء على أنه مصدر ميمي ، أو اسم مكان ، وإلى هنا انتهت رواية الترمذي . ( فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ) ، أي : وكان حينئذ يأخذ أرشدهما ولو أعسرهما وأشدهما . قال العسقلاني : أبهم فاعل خير ليكون أعم من أن يكون من قبل المخلوقين ، أو من قبل الله تعالى ، لكن التخيير يبين ما فيه إثم ويبين ما لا إثم فيه من قبل الله مشكل ، لأن التخيير بما يكون بين جائز إلا إذا حملنا على ما يفضي إلى الإثم ، فذلك ممكن بأن يخير بين أن يفتح عليه من كنوز الأرض ما يخشى من الاشتغال به أن لا يتفرغ للعبادة ، وبين أن لا يؤتيه لا من الدنيا إلا الكفاف ، وإن كان السعة أسهل فالإثم على هذا أمر نسبي لا ما يراد به الخطيئة لثبوت العصمة . ( وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) أي : ما غاضب أحدا لنفسه ) أي : لأجل حظها ( في شيء ) أي : يتخلق بنفسه ) ، أي أبدا ( إلا أن ينتهك حرمة الله ) : بصيغة المجهول أي يرتكب ( فينتقم ) : بالرفع وفي نسخة بالنصب أي : فيعاقب حينئذ ( الله ) أي : لا لغرض آخر ( بهم ) . أي بسبب تلك الحرمة ثم انتهاك الحرمة تناولها بما لا يحل . يقال : فلان انتهك محارم الله أي : فعل ما حرم الله فعله عليه .

قال الطيبي : استثناء منقطع أي : ما عاقب أحدا لخاصة نفسه بجناية جنى عليه ، بل بحق الله تعالى إذا فعل شيئا من المحرمات امتثالا لقوله تعالى : ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله . قال العسقلاني : المعنى ما انتقم لحاجة نفسه ، فلا يرد أمره - صلى الله عليه وسلم - بقتل عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن خطل وغيرهما ممن كان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله . وقيل ذلك في غير السب الذي يفضي إلى الكفر ، وقيل : يختص ذلك بالمال ، وأما العرض فقد اقتص ممن نال منه . ( متفق عليه ) . ورواه أبو داود .




الخدمات العلمية