الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5833 - وعن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة . رواه النسائي والدارمي .

التالي السابق


5833 - ( وعن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر الذكر ) ، أي : ذكر الله وما يتعلق به لما في مسند الفردوس عن عائشة : من أحب شيئا أكثر من ذكره ( ويقل اللغو ) أي : غير الذكر المذكور من ذكر الدنيا ، وما يتعلق بها ، فإنه ولو كان ما يخلو عن مصلحة وحكمة ، لكنه بالإضافة إلى الذكر الحقيقي لغو ، ولذا قال الغزالي : ضيعت قطعة من العمر العزيز في تأليف : ( البسيط والوسيط والوجيز ) فأطلق عليه اللغو نظرا إلى الصورة والمبنى ، مع قطع النظر عن المعنى ، ومنه قولهم : حسنات الأبرار سيئات المقربين ، وإلا فقد قال تعالى في حق كمل المؤمنين والذين هم عن اللغو معرضون وقال عز وجل : وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وأما ما قيل من أن المعنى لا يلغو أصلا فإن القلة قد تستعمل في النفي مطلقا نحو : قليلا ما تؤمنون فيأباه حسن المقابلة بقوله : ويكثر ، وأما قول بعضهم : ويجوز أن يراد باللغو الدعابة وأن ذلك كان منه قليلا فمردود ، إذ عد مزاحه - صلى الله عليه وسلم - من اللغو هو اللغو ، فإنه روى الترمذي عن أبي هريرة قال : قالوا : يا رسول الله إنك تداعبنا . قال : " إني لا أقول إلا حقا " فلله در مزاح هو الحق ، فكيف بجده الذي هو الصدق المطلق ، وقد صرح العلماء بأن المزاح بشرطه من جملة المستحبات ، فكيف يعد من اللغويات ؟ اللهم إلا أن يقال : ما قدمناه من الأمر النسبي واللغوي الإضافي . ( ويطيل الصلاة ) ، أي : خصوصا في الجمعة لقوله : ( ويقصر الخطبة ) ، من التقصير ، وفي نسخة من القصر ، ولعل وجهه أن الصلاة معراج المؤمن ومحل مناجاة المهيمن ، فيناسبها الإطالة بلا ملالة ، والخطبة محل التوجه .

[ ص: 3723 ] إلى الخلق ، ودعائهم إلى الحق ، وفيها زيادة مظنة الرياء والسمعة لطلاقة اللسان لا الفصاحة والبلاغة ، ولذا ورد : من فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته . ( ولا يأنف ) : بفتح النون من الأنفة ، وزاد في الجامع : ولا يستنكف أي : لا يستكبر ( أن يمشي مع الأرملة ) : في النهاية : " الأرامل : المساكين من رجال ونساء ، وهو بالنساء أخص وأكثر ، والواحد أرمل وأرملة . وفي القاموس : امرأة أرملة محتاجة أو مسكينة ، والأرمل العزب وهي بهاء إذ لا يقال للعزبة الموسرة أرملة انتهى . ولا يخفى أن المعنى الأخير هو المراد هنا لقوله : ( والمسكين ) ، اللهم إلا أن يقال عطف تفسيري كما يدل عليه قوله : ( فيقضي له الحاجة ) . حيث أتى بصيغة الإفراد ، أو المراد لكل منهما أو لما ذكر . ( رواه النسائي ، والدارمي ) . وفي الجامع بزيادة : ( والعبد ) بعد قوله : ( والمسكين ) . وقال : رواه النسائي والحاكم ، عن ابن أبي أوفى ، والحاكم عن أبي سعيد .




الخدمات العلمية