الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5915 - وعن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك ، فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( اخرصوها ) فخرصناها ، وخرصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة أوسق وقال : ( أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله ) وانطلقنا ، حتى قدمنا تبوك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ستهب عليكم الليلة ريح شديدة ) فلا يقم فيها أحد ، فمن كان له بعير فليشد عقاله ) . فهبت ريح شديدة . فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ . ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة عن حديقتها ( كم بلغ ثمرها ؟ ) فقالت عشرة أوسق متفق عليه .

التالي السابق


5915 - ( وعن أبي حميد ) : بالتصغير ( الساعدي ) : نسبة إلى بني ساعدة ( قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك ) ، أي : إليها أو فيها فنصب غزوة على نزع الخافض ( فأتينا وادي القرى ) : بسكون ياء الوادي ، لكنها تسقط في الدرج ، وفي بعضها بنصبها ، وهو ظاهر على أن التركيب إضافي لا مزجي وقال التوربشتي : وادي القرى لا يعرب الياء من وادي ، فإن الكلمتين جعلتا اسما واحدا اهـ . وهو موضع معروف أي : جئناه مارين ( على حديقة ) ، أي : بستان عليه حائط ( لامرأة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اخرصوها ) : بضم الراء أي : قدروا وخمنوا ثمرها ( فخرصناها ) ، أي : مختلفين في قدرها ( وخرصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة أوسق ) : والوسق ستون صاعا ( وقال ) ، أي : للمرأة ( أحصيها ) : بفتح الهمز أي : اضبطيها واحفظي عددها كم يبلغ ثمرها ( حتى نرجع إليك إن شاء الله ، وانطلقنا حتى قدمنا تبوك ) : رسمه بغير ألف هنا في جميع النسخ يدل على أنه غير منصرف لا غير ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ستهب ) : بضم الهاء وتشديد الموحدة أي : ستمر ( عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقم فيها أحد ) ، أي : من مكانه فإنه يضره ( فمن كان له بعير فليشد ) ، أي : فليربط من الآن ( عقاله ) ، بكسر العين ما يربط به وظيف البعير إلى ذراعه ( فهبت ريح شديدة ) . فهذه معجزة ( فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ ) ، بياء مشددة بعدها همز على وزن سيد ، وهو أبو قبيلة من اليمن ذكره في شرح مسلم ، وكذا في القاموس ، ثم قيل : الجبلان أحدهما أجأ بالتحريك وهو بهمز وجيم فهمز على فعل كجبل ، وقيل كعصا ، والآخر سلمى بفتح السين وهما بأرض نجد ، ويقال : إنهما سميا باسم رجل وامرأة من العماليق ، والحاصل أن هذا معجزة أخرى .

[ ص: 3815 ] ( قال ) الراوي : ( ثم أقبلنا ) ، أي : في الرجوع ( حتى قدمنا وادي القرى ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة عن حديقتها : ( كم بلغ ثمرها ) . بفتح المثلثة والميم ، ويجوز ضمهما وضم فسكون والمراد تمرها كما في نسخة ( فقالت : عشرة أوسق ) . بالنصب أي : بلغ وفي نسخة بالرفع أي : عدد أوساقها عشرة أوسق مطابقا لقوله عليه الصلاة والسلام : فهذه معجزة ثالثة لأجل تحديها وطلب معارضتها ، فلا ينافيه أنه قد يقع مثل هذا اتفاقا ، ولعله - صلى الله عليه وسلم - أراد بهذه المعجزات إظهار نبوته للذين كانوا معه من أهل النفاق ولزيادة إتقان إيمان أهل العرفان . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية