الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6227 - وعن حفصة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا والحديبية . قلت : يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى : " وإن منكم إلا واردها " . قال : فلم تسمعيه يقول : " ثم ننجي الذين اتقوا " . وفي رواية لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها . رواه مسلم .

التالي السابق


6227 - ( وعن حفصة ) أي بنت عمر أم المؤمنين قالت : قال رسول الله : إني لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا والحديبية ) بالتخفيف ويشدد ( قلت : يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى : وإن منكم ) أي ما منكم ( إلا واردها ) أي مار بها أو حاضرها وكانت حفصة ظنت أن معنى واردها داخلها ( قال : فلم تسمعيه ) أي أفلم تسمعي كلام الله ( يقول ) أي بعد ذلك ( ثم ننجي الذين اتقوا ) أي من الدخول ، وقال ابن الملك ، أي : فينجي الله المتقين بفضله عنها فتكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم ويترك الكافرين فيها بعدله . انتهى . ويوافقه قول الطيبي يعني : أردت بقولي أن لا يدخل النار دخولا يعذب فيها ولا نجاة له منها . انتهى . ويؤيد ما اخترناه سابقا ما قاله النووي في شرح مسلم : الصحيح أن المراد بالورود المرور على الصراط ، وهو جسر منصوب على جهنم فيقع فيها أهلها وينجو الآخرون . قال الطيبي : والأول هو الوجه على ما يظهر بأدنى تأمل . قلت : تأملنا كثيرا فلم يظهر وجه أرجحيته ولا قدرا يسيرا ، بل ظهر أن المعنى الثاني أبلغ وأتم . والله أعلم . ثم قال الطيبي : وفيه جواز المناظرة والاعتراض والجواب على وجه الاسترشاد وهو مقصود حفصة لا أنها أرادت رد مقالته - صلى الله عليه وسلم - . قلت : وفي تسميته مناظرة واعتراض وجواب لا يخلو عن سوء أدب يرجى مسامحته ، بل الصواب أنها استشكلت معنى الحديث حيث ظاهره على ظنها غير موافق للآية ، فسألت سؤال استرشاد لا سؤال اعتراض ، كما هو طريق أرباب المناظرة ، بل على سبيل ما هو واجب على كل من لم يفهم معنى أية أو حديث أو جمع بينهما ، أو غير ذلك من المسائل أن يسأل واحدا من العلماء كما قال تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون إنما تسمى بالمناظرة المباحثة والمجادلة بين النظراء والأمثال في المعاصرة .

( وفي رواية : " لا يدخل النار - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة - أحد - الذين بايعوا تحتها " ) : بيان لأصحاب الشجرة أو بدل ( رواه مسلم ) . وكذا أبو داود والترمذي وابن ماجه - ذكره السيد جمال الدين . وقال ميرك : ظاهر إيراد المصنف يقتضي أن هذا الحديث في صحيح مسلم من مسند حفصة وليس كذلك ، فإن فيه من مسند أم مبشر الأنصارية أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند حفصة يقول : " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها " فقالت : بلى يا رسول الله . فانتهرتها حفصة فقالت : وإن منكم إلا واردها فقال - صلى الله عليه وسلم - : قد قال الله - عز وجل - : ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا هكذا في صحيح مسلم ، وليس حديث حفصة في واحد من الصحيحين ، بل هو في صحيح مسلم من حديث أم مبشر ، نعم رواه ابن ماجه - من طريق أم مبشر عن حفصة كما هو في المصابيح ، وكذا رواه في شرح السنة ، والله أعلم ، هذا محصل ما أورده الجزري في تصحيح المصابيح انتهى . ولا يخفى أن معنى هذا الحديث مروي عن حفصة في صحيح مسلم فصح إسناده إليه .




الخدمات العلمية