الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6254 - وعنه قال : ذكرت الأعاجم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله : لأنا بهم أو ببعضهم أوثق مني بكم أو ببعضكم ، رواه الترمذي .

التالي السابق


6254 - ( وعنه ) ، أي : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ( قال : ذكرت الأعاجم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، أي : بالمدح أو الذم ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لأنا بهم أو ببعضهم " ) : شك من الراوي ، والظاهر أن المراد بهم مجموعهم فلا ينافي قوله : ( أو بعضهم أوثق " ) ، أي : أرجى في الاعتماد على طلب الدين ( " مني بكم أو ببعضكم " ) . قيل : فيه تفضيل الأعاجم . أقول : والظاهر أن هذا مقتبس من قوله تعالى : ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ومن قوله : ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ومن الآية السابقة ، هذا وقال المظهر : أنا : مبتدأ ، وأوثق خبره ، ومني صلة أوثق ، والباء في بهم مفعوله وأو عطف على بهم ، والباء في بكم مفعول فعل مقدر يدل عليه أوثق وأوفى ، أو بعضكم عطف على بكم إما متعلق أيضا بأوثق إذ هو في قوة الوثوق وزيادة ، فكأنه فعلان جاز أن يعمل في مفعولين أو بآخر دل عليه الأول ، والمعنى وثوقي واعتمادي بهم أو ببعضهم أكثر من وثوقي بكم أو ببعضكم .

قال الطيبي : الأول من باب العطف على الانسحاب ، والثاني من باب العطف على التقدير ، والمخاطبون بقوله بكم أو ببعضكم قوم مخصوصون دعوا إلى الإنفاق في سبيل الله فتقاعدوا عنه ، فهو كالتأنيب والتعيير عليهم ، ويدل عليهم قوله تعالى في الحديث السابق : وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم فإنه جاء عقيب قوله تعالى : ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل يعني أنتم هؤلاء المشاهدون بعد ممارستكم الأحوال وعلمكم بأن الإنفاق في سبيل الله خير لكم تدعون إليه فتثبطون عنه وتتولون ، فإن استمر توليكم يستبدل الله قوما غيركم بذالين لأرواحهم وأموالهم في سبيل الله ، ولا يكونوا أمثالكم في الشح المبالغ فهو تعريض وبعث لهم على الإنفاق ، فلا يلزم منه التفضيل . قلت : إن كان مراده أنه لا يلزم التفضيل مطلقا ، فهو خلاف الكتاب والسنة ، مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وإن كان مراده أنه لا يلزم التفضيل المطلق فهو صحيح ، إذ يدل على أنهم في بعض الصفات أفضل من العرب ، ولا بدع أن يوجد في المفضول زيادة فضيلة بالنسبة إلى بعض فضائل الفاضل ، فجنس العرب أفضل من جنس العجم بلا شبهة ، وإنما الكلام في بعض الأفراد ، والله أعلم بالعباد . ( رواه الترمذي ) .

[ ص: 4027 ]



الخدمات العلمية