الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
747 - وعن السائب بن خلاد رضي الله عنه ، - وهو رجل من أصحاب النبي - ، فقال إن رجلا أم قوما ، فبصق في القبلة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقومه حين فرغ : ( لا يصلي لكم ) ، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم ، فمنعوه ، فأخبروه بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : نعم ، وحسبت أنه قال : ( إنك قد آذيت الله ورسوله ) ، رواه أبو داود .

التالي السابق


747 - ( وعن السائب بن خلاد - هو : وفي نسخة : وهو ( رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : ولعله ذكر ذلك لأنه لم يكن من مشاهير الصحابة ، أو كان ممن اختلف في صحبته ( قال : إن رجلا أم قوما ) ، أي : صلى بهم إماما ، ولعلهم كانوا وفدا ( فبصق في القبلة ) ، أي : في جهتها ( ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ، أي : يطالع فيه ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقومه ) : لما رأى منه قلة الأدب [ حين فرغ : لا يصلي لكم ) : بإثبات الياء ، في شرح السنة أصل الكلام لا تصل لهم ، فعدل إلى النفي ليؤذن بأنه لا يصلح للإمامة ، وإن بينه وبينها منافاة ، وأيضا في الإعراض عن غضب شديد ، حيث لم يجعله محلا للخطاب ، وكان هذا النهي في غيبته ( فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم ; فمنعوه ) : فسأل عن سبب المنع ( فأخبروه بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر ) ، أي : الرجل ( ذلك ) ، أي : منع القوم إياه عن الإمامة ( لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : وقال : ذكروا أنك منعتني عن الإمامة بهم ، أكذلك هو ؟ ( فقال ) ، أي : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( نعم ) : أنا أمرتهم بذلك ( وحسبت ) ، أي : قال الراوي وظننت ( أنه ) ، أي : الرسول - صلى الله عليه وسلم - ( قال ) ، أي : له زيادة على نعم ( إنك قد آذيت ) ، أي : ( خالفت الله ورسوله ) : وفيه تشديد عظيم ، قال تعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا وذكر الله تعالى للتبرك ، أو لبيان أن إيذاء رسوله لمخالفة نهيه - لاسيما بحضرته - منزل منزلة إيذاء الله تعالى ، كذا ذكره ابن حجر ، وهذا منه مبني على جعل الإيذاء على حقيقته ، ( رواه أبو داود ) : وابن حبان في صحيحه قال ميرك .

ثم قال : والحديث السائب بن خلاد شاهد من حديث عبد الله بن عمرو قال : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يصلي بالناس الظهر ، فتفل بالقبلة وهو يصلي للناس ، فلما كان صلاة العصر أرسل إلى آخر فأشفق الرجل الأول ، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أنزل في شيء ؟ قال : ( لا ، ولكنك تفلت بين يديك وأنت تؤم الناس ، فآذيت الله والملائكة ) ، رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد .




الخدمات العلمية