الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
946 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : لا يجعل أحدكم للشيطان شيئا من صلاته يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره ، متفق عليه .

التالي السابق


946 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : لا يجعل ) : قال الأبهري : وفي رواية للكشميهني : لا " يجعلن " ، ( أحدكم للشيطان شيئا من صلاته يرى ) : بضم الياء وفتحها ، أي : يظن أحدكم أو يعتقد ، وهو استئناف ، كأن قائلا يقول : كيف يجعل أحدنا حظا للشيطان من صلاته ؟ فقال : يرى ( أن حقا ) ، أي : واجبا ( عليه أن لا ينصرف ) ، أي : يذهب أنه حق عليه أن لا ينصرف إذا فرغ من الصلاة ( إلا عن يمينه ) ، أي : جانب يمينه ، فمن اعتقد ذلك فقد تابع الشيطان في اعتقاده أحقية ما ليس بحق عليه ، فذهب كمال صلاته .

قال الأبهري ، فإن قلت : " أن لا ينصرف " معرفة إذ تقديره عدم الانصراف ، وقد صرح الزمخشري بتعريف مثله ، فكيف وقع خبرا لأن ، واسمه نكرة ؟ قلت : إما لأن النكرة المخصوصة كالمعرف ، أو لأنه من باب القلب ، أي : يرى أن عدم الانصراف حق عليه ، وفي بعض الروايات أن بغير التشديد ، فهي إما مخففة من الثقيلة ، وحقا مفعول مطلق وفعله محذوف ، أي : قد حق حقا ، و " أن لا ينصرف " فاعل الفعل المقدر ، وإما مصدرية ، ( لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره : هذا يدل على كمال اطلاع الراوي على أحواله صلى الله عليه وسلم ، قال الطيبي : وفيه أن من أصر على أمر مندوب ، وجعله عزما ، ولم يعمل بالرخصة فقد أصاب منه الشيطان من الإضلال فكيف من أصر على بدعة أو منكر ؟ وجاء في حديث ابن مسعود : " إن الله - عز وجل - يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه اهـ ، ويؤخذ منه ومن غيره أنه لا يكره أن يقال انصرفنا من الصلاة ; وإن كرهه ابن عباس - رضي الله عنه - محتجا بقوله تعالى : ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ، ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .




الخدمات العلمية