الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
983 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء ، أو لتخطفن أبصارهم " ، رواه مسلم .

التالي السابق


983 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لينتهين أقوام " ) : اللام جواب القسم ، وقيل : للتأكيد وهو خبر بمعنى الأمر ( " عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء " ) ، أي : خصوصا وقت الدعاء لإيهام أن المدعو في الجهة العليا مع تعاليه عن الجهات كلها ، وإلا فرفع الأبصار مطلقا في الصلاة مكروه ، ( " أو لتخطفن " ) : [ ص: 782 ] أي : لتسلبن ( " أبصارهم " ) : إن لم ينتهوا عن ذلك ، قيل : أو " لتخطفن " عطف على " لينتهين " تردد بين الانتهاء عن الرفع وما هو كاللازم لنقيضه ، والمعنى : والله لينتهين أقوام عن الرفع أو لتسلبن أبصارهم ; لأن ذلك يوهم نسبة العلو المكاني إلى الله تعالى ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وقال الطيبي : أو هنا للتخيير قديدا ، أي : ليكونن أحد الأمرين كقوله تعالى : لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا وقال ابن حجر : وكقوله تعالى : تقاتلونهم أو يسلمون ، أي : يكون أحد الأمرين لا ثالث لهما ، إما المقاتلة أو الإسلام ، وإما إخراجكم وإما عودتكم في الكفر ، فهو خبر . بمعنى الأمر في هذين والحديث ، قال القاضي عياض : اختلفوا في كراهة رفع البصر إلى السماء في الدعاء في غير الصلاة ، فكرهه القاضي شريح وآخرون ، وجوزه الأكثرون ; لأن السماء قبلة الدعاء ، كما أن الكعبة قبلة الصلاة فلا ينكر رفع البصر إليها ، كما لا ينكر رفع اليد في الدعاء ، قلت : فيه أن رفع اليد في الدعاء مأثور مأمور ، ورفع البصر فيه منهي عنه ، كما ذكره الشيخ الجزري في آداب الدعاء في الحصن ، ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه النسائي .

قال ابن حجر : وروى البخاري " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم " فاشتد قوله في ذلك حتى قال : " لينتهين عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم " ، وصح أنه عليه الصلاة والسلام كان يرفع بصره إلى السماء ، فلما نزل الذين هم في صلاتهم خاشعون طأطأ رأسه .




الخدمات العلمية