الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1057 - وعن عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا صلاة بحضرة الطعام ، ولا هو يدافعه الأخبثان " . رواه مسلم .

التالي السابق


1057 - ( وعن عائشة أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا صلاة ) أي : كاملة ( بحضرة الطعام ) : وفي نسخة : بحضرة طعام ، أي : بحضور طعام يريد أكله ، قال ابن دقيق العيد : والتحقيق أن المتيسر حضوره عن قرب كالحاضر . ( ولا هو ) أي : مريد الصلاة ( يدافعه ) أي : يطالبه ويدفع حضور صلاته ( الأخبثان ) أي : البول والغائط ، وفي معناه الريح والقيء والمذي ، وقيل : ( هو ) عائد إلى الشخص مبتدأ محذوف الخبر ، ويدافعه حال تقديره : ولا الشخص مصل صلاة كاملة حال مدافعة الأخبثين ، وفي بعض النسخ : " ولا هو يدافعه " فالواو : للحال من مقدر تقديره : ولا صلاة كاملة حاصلة ، والشخص يدافعه الأخبثان ، أي : مقارنة لمدافعة الأخبثين ، ويمكن حمل ( ولا هو يدافعه الأخبثان ) على هذا الوجه ، والجملة وقعت حالا بلا " واو " وقال الطيبي ، أي : ولا صلاة حاصلة للمصلي في حال يدافعه الأخبثان عنها ، فاسم لا الثانية وخبرها محذوفان ، وقوله : ( هو يدافعه الأخبثان ) حال ، ويؤيده رواية النهاية : " لا يصلي الرجل وهو يدافع الأخبثين " ، إذ لا صلاة حين هو يدافعه الأخبثان ، والمدافعة إما على حقيقتها ، أي : يدفعه الأخبثان عنها وهو يدفعهما ، وإما بمعنى الدفع مبالغة ، قال النووي : كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من اشتغال القلب وذهاب كمال الخشوع ، وكذلك كراهتها مع مدافعة الأخبثين ، ويلحق بذلك ما في معناه ، وهذا إذا كان في الوقت سعة ، فلو تضيق اشتغل بالصلاة على حاله حرمة للوقت . ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه أبو داود .

قال ابن حجر : ومنه أخذ أكثر أئمتنا كراهة الصلاة مع مدافعة واحد مما ذكر ، وإن خاف فوت الجماعة .

وقال جمع منهم : ونقل عن الشافعي بحرمة ذلك وفساد الصلاة إن أدى إلى ذهاب خشوعه للخبر الصحيح : " لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف " ، وحمله الأولون على ما إذا اشتد به الحال ، وظن أن يضره فحبسه حينئذ حرام .




الخدمات العلمية