الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1212 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته فقال : " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " . رواه مسلم .

التالي السابق


1212 - ( وعن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم ) : في المصابيح : كان تعني النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ابن الملك تفسير لضمير كان ( إذا قام من الليل افتتح صلاته ) ، أي : صلاة نفسه أو صلاة الليل ، ويؤيد الثاني ما في الحصن إذا افتتح صلاة الليل . ( قال : " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل " ) : تخصيص هؤلاء بالإضافة ، مع أنه تعالى رب كل شيء لتشريفهم وتفضيلهم على غيرهم ، قال ابن حجر : كأنه قدم جبريل ; لأنه أمين الكتب السماوية ، فسائر الأمور الدينية راجعة إليه ، وأخر إسرافيل ; لأنه أمين اللوح المحفوظ والصور ، فإليه أمر المعاش والمعاد ، ووسط ميكائيل ; لأنه أخذ بطرف من كل منهما ; لأنه أمين القطر والنبات ونحوهما مما يتعلق بالأرزاق المقومة للدين والدنيا والآخرة ، وهما أفضل من ميكائيل ، وفي الأفضل منهما خلاف . قيل : لا يجوز نصب ( رب ) على الصفة ; لأن الميم المشددة بمنزلة الأصوات ، فلا يوصف بما اتصل به ، فالتقدير : يا رب جبريل ، قال الزجاج : هذا قول سيبويه ، وعندي أنه صفة ، فكما لا تمتنع الصفة مع " يا " لا تمتنع مع الميم ، قال أبو علي : قول سيبويه عندي أصح ; لأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد : اللهم ، ولذلك خالف سائر الأسماء ، ودخل في حيز ما لا يوصف نحو : حيهل ، فإنهما صارا بمنزلة صوت مضموم إلى اسم فلم يوصف . ذكره الطيبي . ( " فاطر السماوات والأرض " ) ، أي : مبدعهما ومخترعهما ( " عالم الغيب والشهادة " ) ، أي : بما غاب وظهر عند غيره ( " أنت تحكم بين عبادك " ) : في يوم معادك بموجب ميعادك بعد تقديرك وقضائك بالتمييز بين المحق والمبطل بالثواب والعقاب ( " فيما كانوا يختلفون " ) ، أي : من أمر الدين في أيام الدنيا ( " اهدني " ) ، أي : ثبتني وزدني الهداية ( " لما اختلف فيه " ) : اللام بمعنى " إلى " كذا قيل ، والأظهر أن الهداية يتعدى بنفسه وبإلى وباللام ، قال تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم ) ، و ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) ، و ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) و ( ما ) موصولة ، أي للذي اختلف فيه عند مجيء الأنبياء ، وهو الطريق المستقيم الذي دعوا إليه فاختلفوا فيه ( " من الحق " ) : ( من ) بيان لـ ( ما ) ( بإذنك ) ، أي : بتوفيقك وتيسيرك ( إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " ) : جملة استئنافية متضمنة للتعليل قائمة مقام التذييل . ( رواه مسلم ) : قال ميرك : والأربعة ، وابن حبان .

[ ص: 917 ]



الخدمات العلمية