الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

1293 - عن الحسن رضي الله عنه ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، جمع الناس على أبي بن كعب ، فكان يصلي بهم عشرين ليلة ، ولا يقنت بهم إلا في النصف الباقي ، فإذا كانت العشر الأواخر تخلف فصلى في بيته ، فكانوا يقولون : أبق أبي . رواه أبو داود .

التالي السابق


الفصل الثالث

1293 - ( عن الحسن ) ، أي البصري ( أن عمر بن الخطاب ، جمع الناس ) ، أي : الرجال ، وأما النساء فجمعهن على سليمان بن أبي خيثمة كما سيأتي ( على أبي بن كعب ) : وسيأتي بيانه في أول الفصل الثالث من الباب الذي يلي هذا الفصل ، ( فكان ) ، أي : أبي ( يصلي لهم عشرين ليلة ) : وفي رواية ابن الهمام : من الشهر يعني من رمضان ( ولا يقنت بهم ) ، أي : في الوتر ، ولعله مقيد بالدعاء على الكفار لما مر بسند صحيح أو حسن ، عن عمر رضي الله عنه ، أن السنة إذا انتصف رمضان أن يلعن الكفرة في الوتر ، ثم وجه الحكمة في اختيار النصف الأخير يحتمل أن يكون تفاؤلا بزوالهم وانتقالهم من محاللهم وانتقاصهم ، كما اختير النصف الأخير من كل شهر للحجامة والفصد من خروج الدم لخروج المرض وزوال العاهة . ( إلا في النصف الباقي ) ، أي : الأخير ، وفي رواية ابن الهمام بلفظ الثاني ، وهو الظاهر فإن الباقي موهم ولعله تصحيف ، ( فإذا كانت العشر الأواخر يتخلف ) : وفي نسخة : تخلف بالماضي ، وكذا في رواية ابن الهمام وهو الظاهر . ( فصلى في بيته ) : قال الطيبي : لعلها صلاة التراويح ، ( فكانوا ) : وفي نسخة بالواو ( يقولون : أبق أبي ) ، أي : هرب عنا ، قال الطيبي في قولهم : أبق إظهار كراهية تخلفه فشبهوه بالعبد الآبق ، كما في قوله تعالى : ( إذ أبق إلى الفلك المشحون ) سمى هرب يونس بغير إذن ربه إباقا مجازا ، ولعل تخلف أبي كان تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث صلاها بالقوم ثم تخلف كما سيأتي ، وفيه أن تخلفه - عليه الصلاة والسلام - كان لعلة لا تصلح أن تكون سببا لتخلفه رضي الله عنه ، فينبغي أن يحمل على حدوث عذر من الأعذار له ، قال ابن حجر : وكان عذره أنه كان يؤثر التخلي في هذا العشر الذي لا أفضل منه ليعود عليه من الكمال في خلوته فيه ما لا يعود عليه في جلوته . ( رواه أبو داود ) .

قال ابن الهمام : وللمتن طرق أخرى ضعفها النووي ، وفي الخلاصة ، وما أخرج ابن عدي عن أنس : كان - عليه الصلاة والسلام - يقنت في النصف من رمضان إلخ ، ضعيف بأبي عاتكة ، وضعفه البيهقي ، مع أنه القنوت فيه [ ص: 964 ] وفيما قبله يحتمل كونه طول القيام ، فإنه يقال عليه تخصيصا للنصف الأخير بزيادة الاجتهاد ، فهذا المعنى يمنع تبادر المتنازع فيه بخصوصه يعني ليكون دليلا للشافعي ولو مع ضعفه ، ولنا الحديث المعروف المخرج في السنن الأربعة عن الحسن بن علي ، قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر ، الحديث ، قال النووي : إسناده صحيح ، ولا شك أن فيما قدمناه في الخلافية الأولى ما هو أنص على المواظبة على قنوت الوتر من هذا ، فارجع إليه تستغن عن هذا في هذا المطلوب ، يعني فإن هذا مطلق قابل للتقييد .




الخدمات العلمية