الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1377 - وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة ، إلا على أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض " رواه أبو داود ، وفي " شرح السنة " بلفظ " المصابيح " عن رجل من بني وائل .

التالي السابق


1377 - ( وعن طارق بن شهاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجمعة حق " ) ، أي : ثابت فرضيتها بالكتاب والسنة ( " واجب " ) ، أي : فرض مؤكد ( " على كل مسلم " ) : فيه رد على القائل بأنها فرض كفاية ( " في جماعة " ) ; لأنها لا تصح إلا بجماعة مخصوصة بالإجماع ، وإنما اختلفوا في العدد الذي تحصل به ، وأقلهم عند أبي حنيفة ثلاثة سوى الإمام ، ولا يشترط كونهم ممن حضر الخطبة وقالا : اثنان سوى الإمام ، وقال ابن حجر : ومذهبنا أنه لا بد من أربعين كاملين لخبر الدارقطني في سننه ، عن جابر : مضت السنة أن في كل أربعين فما فوقه جمعة اهـ .

قال ابن الهمام : حديث ضعيف ، قال البيهقي : لا يحتج بمثله ، ( " إلا على أربعة " ) : قال الطيبي : " إلا " بمعنى " غير " وما بعده مجرور صفة لمسلم ، أي : على كل مسلم غير ( " عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي " ) : وفي معناه المجنون [ ص: 1026 ] ( " أو مريض " ) ، أي : مرضا يشق معه الحضور عادة ، وفي معناه المسافر وهو سيأتي صريحا في حديث ، وقال ابن الهمام : الشيخ الكبير الذي ضعف يلحق بالمريض فلا يجب عليه اهـ . وعند أبي حنيفة : لا يجب على الأعمى مطلقا ، وعندهما يجب إن وجد قائدا ، ولا يجب على المقعد ومقطوع الرجلين ، وإن وجد من يحمله ، والممرض كالمريض إن بقي المريض ضائعا بذهابه على الأصح ، كذا في شرح المنية . وفي بعض النسخ : برفع عبد ، وما بعده على أنه خبر مبتدأ محذوف وهو : هم ، و ( أو ) بمعنى الواو .

قال ابن حجر : الأحسن جعله استثناء من واجب على كل مسلم ، والتقدير : إلا أنها لا تجب على أربعة ، قال ابن الهمام : وقد اختلفوا في المكاتب والمأذون والعبد الذي حضر مع مولاه باب المسجد لحفظ الدابة إذا لم يخل بالحفظ . ( رواه أبو داود ) : وقال : طارق رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه ، قال الخطابي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك ، قال النووي : رجال إسناده رجال الصحيحين ، وما قاله أبو داود لا يقدح في صحته ، فإنه إن لم يثبت سماعه فهو مرسل صحابي ، وهو حجة اتفاقا ذكره ميرك ، وقال ابن الهمام : وليس هذا قدحا في صحبته ، ولا في الحديث ، بل بيان للواقع . وأخرج البيهقي من طريق البخاري ، عن تميم الداري مرفوعا " الجمعة واجبة إلا على صبي أو مملوك أو مسافر " ورواه الطبراني ، عن الحكم بن عمرويه ، وزاد فيه المرأة والمريض .

( وفي شرح السنة ) ، أي : للبغوي ( بلفظ المصابيح ، عن رجل ) : متعلق بلفظ المصابيح ، قاله الطيبي . ( من بني وائل ) : لفظ شرح السنة ، كذا عن محمد بن كعب أنه سمع رجلا من بني وائل يقول ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبي أو مملوك " . ورواه طارق بن شهاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد " أو مريض " . وطارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا اهـ .

وليس في المصابيح أيضا زيادة : " أو مريض " قال ابن حجر : وجاء أيضا عن أبي موسى الأشعري بسند صحيح على شرط الشيخين بلفظه المذكور ، إلا أنه أسقط ( على ) بعد ( إلا ) ، فقال : إلا أربعة . قلت : وقد ذكر ابن الهمام الحديث بلفظ : " الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض " ، وقال : رواه أبو داود ، عن طارق بن شهاب .




الخدمات العلمية