الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1447 وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره . رواه الترمذي ، والدارمي .

التالي السابق


1447 - ( وعن أبي هريرة قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم العيد ) أي : ذاهبا ( في طريق رجع في غيره ) أي : في طريق غيره بقي الكلام في تكبير الإمام حالة خروجه إلى وقت وصوله إلى المصلى مع الأنام ، واختلف علماءنا الأعلام . قال ابن الهمام : الخلاف في الجهر بالتكبير في الفطر لا في أصله ; لأنه داخل في عموم ذكر الله تعالى ، فعندهما يجهر به كالأضحى ، وعنده لا يجهر . وعند أبي حنيفة كقولهما . قلت : والعمل عليه في الحرمين الشريفين ، فقال أبو حنيفة : رفع الصوت بالذكر بدعة يخالف الأمر من قوله تعالى : واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول فيقتصر فيه على مورد الشرع ، وقد ورد به في الأضحى ، وهو قوله تعالى : واذكروا الله في أيام معدودات جاء في التفسير أن المراد التكبير في هذه الأيام ، والأولى الاكتفاء فيه بالإجماع عليه .

فإن قيل : فقد قال الله تعالى : ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم . وروى الدارقطني عن سالم : أن عبد الله بن عمر أخبره : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى . فالجواب : أن صلاة العيد فيها التكبير ، والمفهوم من الآية بتقدير كونه أمرا بالتكبير أعم منه ، ومما في الطريق فلا دلالة على التكبير المتنازع فيه ، لجواز كونه في الصلاة ، ولما كان دلالتها عليه ظنية لاحتمال التعظيم ، كان الثابت الوجوب ، والحديث المذكور ضعيف ، ثم ليس فيه أنه كان يجهر به وهو محل النزاع ، وكذا روى الحاكم مرفوعا ، ولم يذكر الجهر . نعم روى الدارقطني عن نافع موقوفا على ابن عمر : أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام . قال البيهقي : الصحيح وقفه على ابن عمر ، وقول الصحابي لا يعارض به عموم الآية القطعية الدلالة أعني قوله تعالى : واذكر ربك إلى قوله : ودون الجهر ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : خير الذكر الخفي فكيف وهو معارض بقول صحابي آخر ، وهو ما روي عن ابن عباس : أنه سمع الناس يكبرون فقال لقائده : أكبر الإمام ؟ قيل : لا . قال : أفجن الناس ؟ ! أدركنا مثل هذا اليوم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فما كان أحد يكبر قبل الإمام . وقال أبو جعفر : لا ينبغي أن يمنع العامة من ذلك لقلة رغبتهم في الخيرات اهـ .

وما يفعله المؤذنون وغيرهم من التكبير في ليلة العيد من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة الصبح ، فما رأيت له أصلا . ( رواه الترمذي ) قال ميرك : ورواه من حديث جابر ، وقال : حديث جابر كأنه أصح اهـ . وقد سبق أن حديث جابر رواه البخاري . وكأنه أراد غير ذلك السند ، ولذا قال : كأنه أصح . ( والدارمي ) .




الخدمات العلمية