الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1699 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " . رواه مسلم .

التالي السابق


1699 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يجلس أحدكم على جمرة ) أي : من النار . ( فتحرق ) بضم التاء وكسر الراء . ( ثيابه فتخلص ) بضم اللام أي : تصل . ( إلى جلده ) قال الطيبي : جعل الجلوس على القبر ، وسراية مضرته إلى قلبه وهو لا يشعر بمنزلة سراية النار من الثوب إلى الجلد . ( خير له ) أي : أحسن له وأهون . ( من أن يجلس على قبر ) الظاهر عمومه ، وأما قول ابن حجر : أي : لمسلم ، ولو جوز أن يختص فمحتاج إلى دليل مخصص ، مع أنه منقوض بما سيأتي من كلامه ، فإن الميت تدرك روحه ما يفعل به فيحس ، ويتأذى كما يتأذى الحي اهـ .

ولا شك أن الجزء الذي يتعلق به الروح لا يبلى ، لا سيما عجب الذنب ، كما صح في الأحاديث في الأزهار ، نقلا [ ص: 1218 ] عن بعض العلماء : الأولى أن يحمل من هذه الأحاديث ما فيه التغليظ على الجلوس للحدث ، فإنه يحرم ، وما لا تغليظ فيه على الجلوس المطلق فإنه مكروه ، وهذا تفصيل حسن ، والاتكاء والاستناد كالجلوس المطلق نقلهالسيد جمال الدين ، قال ابن حجر : وظاهره حرمة القعود عليه ، ومثله الاتكاء والاستناد ودوسه ، وجرى على ذلك في شرح مسلم عن الأصحاب ، لكن ما عليه الشافعي والجمهور كراهة ذلك تنزيها ، وغلط ما في شرح مسلم ، وإن انتصر له بعضهم ، بأنه الأصح المختار للخبر ، وليس كما قال لأن أبا هريرة راوي الحديث ، وتفسير راويه مقدم على تفسير غيره ، وقد فسر في الحديث القعود للبول والغائط ، على أن ابن وهب رواه في مسند عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ : من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط ، وهذا حرام إجماعا ، فليس الكلام فيه ، قال : ولا يكره دوسه لحاجة كحفر ، أو قراءة عليه ، أو زيارة ، ولو لأجنبي للاتباع ، صححه ابن حبان ، ولأنه مع الحاجة ليس فيه انتهاك حرمة الميت ، بخلافه مع عدم الحاجة ، هذا كله قبل البلى ، أما بعده فلا حرمة ، ولا كراهة مطلقا لعدم احترامه أيضا اهـ . وفي اعتبار الحاجة لغير الحفر نظر ظاهر ، وكذا في تقييده بما قبل البلى لمعارضته ظاهر النصوص ، والله أعلم . ( رواه مسلم قال ميرك : ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .




الخدمات العلمية