الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2077 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل : إني صائم ) . وفي رواية قال : ( إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان صائما فليصل ، وإن كان مفطرا فليطعم ) رواه مسلم .

التالي السابق


2077 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم " ) أي : نفلا قاله ابن حجر . ولا دلالة في الحديث لاحتمال أن يكون صوم قضاء ونحوه . ( فليقل ) أي : ندبا ( إني صائم ) قال ابن الملك : أمر - صلى الله عليه وسلم - المدعو حين لا يجيب الداعي أن يعتذر عنه بقوله : إني صائم ، وإن كان يستحب إخفاء النوافل لئلا يؤدي ذلك إلى عداوة وبغض في الداعي .

( وفي رواية قال : إذا دعي أحدكم فليجب ) : أي الدعوة ( فإن كان صائما فليصل ) قال الطيبي : أي ركعتين في ناحية البيت ، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيت أم سليم ، وقيل : فليدع لصاحب البيت بالمغفرة ، وقال ابن الملك : بالبركة ، أقول : ظاهر حديث أم سليم أن يجمع بين الصلاة والدعاء . قال المظهر : والضابط عند الشافعي أنه إن تأذى المضيف بترك الإفطار أفطر ، فإنه أفضل وإلا فلا ( وإن كان مفطرا فليطعم ) : أي : فليأكل ندبا ، وقيل : وجوبا ، قاله ابن حجر . والأظهر أنه يجب إذا كان يتشوش خاطر الداعي ، ويحصل به المعاداة إن كان الصوم نفلا ، وإن كان يعلم أنه يفرح بأكله ولم يتشوش بعدمه فيستحب ، وإن كان الأمران مستويين عنده فالأفضل أن يقول : إني صائم ، سواء حضر أو لم يحضر ، والله أعلم . ( رواه مسلم ) . وروى أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، عن أبى هريرة بلفظ : ( إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن كان مفطرا فليأكل ، وإن كان صائما فليصل ) . وفي رواية الطبراني ، عن ابن مسعود : وإن كان صائما فليدع بالبركة . كذا في الجامع الصغير للسيوطي .

[ ص: 1432 ] والعجب من ابن الهمام حيث قال : ومنع المحققون كون الضيافة عذرا كالكرخي ، وأبو بكر الرازي ، واستدلا بما روي عنه - عليه الصلاة والسلام - : " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن كان مفطرا فليأكل ، وإن كان صائما فليصل " . أي : فليدع لهم ، والله أعلم بحال هذا الحديث . وقول بعضهم : ثبت موقوفا على ابتداء ثبت ، ثم لا يقوى قوة حديث سلمان ، يعني حديث البخاري : آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبى الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما ، فقال : كل ، فإني صائم . قال : ما آكل حتى تأكل ، فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، فقال له سلمان : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم فقال : نم ، فلما كان من آخر الليل قال سلمان : قم الآن . قال : فصلينا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال : ( صدق سلمان ) .

وهذا مما استدل به القائلون بأن الضيافة عذر ، وكذا ما أسند الدارقطني إلى جابر قال : صنع رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما ، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فلما أتى بالطعام تنحى رجل منهم ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ما لك ؟ ) قال : إني صائم . فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( تكلف أخوك وصنع طعاما ثم تقول إني صائم ، كل وصم يوما مكانه ) اهـ .

قال الشمني : ورواه أبو داود والطيالسي في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ : ( أخوك تكلف وصنع لك طعاما ودعاك ، أفطر واقض يوما مكانه ) ورواه الدراقطني من حديث جابر ، وقال : إن الرجل الذي صنع أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - .




الخدمات العلمية