الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2136 - وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يقول الرب - تبارك وتعالى - من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه " رواه الترمذي والدارمي والبيهقي في شعب الإيمان ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب إسنادا .

التالي السابق


2136 - ( وعن أبي سعيد ) الخدري ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الرب - تبارك وتعالى - من شغله القرآن ) ، أي حفظه وعلم مبانيه وتدبر معانيه والعمل بما فيه ( عن ذكري ومسألتي أعطيته ) ، أي بسبب ذلك ( أفضل ما أعطي السائلين ) بصيغة المتكلم ، قيل : شغل القرآن القيام بمواجبه وحقوقه ، ومسألتي عطف تفسيري ، أي لا يظن المشغول به أنه إذا لم يسأل لم يعط حوائجه على أكمل العطاء ، فإنه من كان لله كان الله له .

[ ص: 1471 ] وعن الشيخ العارف أبي عبد الله بن خفيف - قدس الله سره - شغل القرآن القيام بموجباته من إقامة فرائضه والاجتناب عن محارمه ، فإن الرجل إذا أطاع الله ذكره وإن قلت صلاته وصومه ، وإذا عصاه فقد نسيه وإن كثرت صلاته وصومه ، وقيل : أريد بالذكر والمسألة اللذان ليسا في القرآن كالدعوات بقرينة قوله ( وفضل كلام الله ) ، أي الدال على الكلام النفسي فشرفه باعتبار مدلوله ( على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ) ، أي وكذلك فضل الاشتغال والمشتغل به على غيره ، وكان وجه الاستغناء عن ذكر الذاكرين بذكر السائلين أنهم من جملتهم من حيث إنهم سائرين بالفعل أو القوة إذ لسان حال كل مخلوق ناطق بالافتقار إلى نعم الحق وإمداده بعد إيجاده ، ثم هذا الفضل من حيث هو إلا فمحله ما لم يشرع غيره من الأذكار والأدعية المأثورة ، وفي الحديث إيماء إلى قدم القرآن كما هو مذهب المفسرين والمحدثين ردا على المحدثين ، قال ميرك : يحتمل أن تكون هذه الجملة من تتمة قول الله - عز وجل - فحينئذ فيه التفات كما لا يخفى ، ويحتمل أن تكون من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا أظهر لئلا يحتاج إلى ارتكاب الالتفات ، ونقل عن البخاري أنه قال : هذا من كلام أبى سعيد الخدري أدرجه في الحديث ولم يثبت رفعه ( رواه الترمذي والدارمي والبيهقي في شعب الإيمان ) قال العسقلاني : رجاله ثقات إلا عطية العوفي ففيه ضعف ( وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ) قال ميرك : ولفظ الدارمي " من شغله ذكري عن مسائلي " اهـ فيكون المراد من ذكري المعنى الأعم أو الأخص وهو الأظهر الأنسب للجمع المستفاد من الإضافة التشريفية الموافقة لقوله - تعالى - ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه ) .




الخدمات العلمية