الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2367 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد . متفق عليه .

التالي السابق


3367 - ( وعنه ) وفي نسخة وعن أبي هريرة ، وهو الأظهر لإيهام مرجع الضمير أن يكون إلى أقرب مذكور وهو سلمان ، وأما على النسخة المشهورة التي هي الأصل فكأنه اعتمد على العنوان ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو يعلم المؤمن ) اللام للاستغراق ( ما عند الله من العقوبة ) بيان لما ( ما طمع بجنته أحد ) أي من المؤمنين فضلا عن الكافرين ولا بعد أن يكون أحد على إطلاقه من إفادة العموم إذ تصور ذلك وحده يوجب اليأس من رحمته وفيه بيان كثرة عقوبته لئلا يغتر مؤمن بطاعته ، أو اعتمادا على رحمته فيقع في الأمن ولا [ ص: 1640 ] يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ( ولو يعلم الكافر ) أي : كل كافر ( ما عند الله من الرحمة ما قنط ) بفتح النون ويكسر ( من جنته أحد ) : أي من الكافرين ، ذكره الطيبي وغيره ، وقيده ابن الملك بقوله : إذا دخل في الإسلام ، والظاهر من حسن المقابلة عدم التقييد فإنه يفيد المبالغة مع ( إن ) الشرطية غير لازمة الوقوع ، قال الطيبي : الحديث في بيان صفتي القهر والرحمة لله تعالى ; فكما أن صفات الله تعالى غير متناهية لا يبلغ كنه معرفتها أحد ، كذلك عقوبته ورحمته ، فلو فرض أن المؤمن وقف على كنه صفته القهارية لظهر منها ما يقنط من تلك الخواطر فلا يطمع بجنته أحد ، وهذا معنى وضع أحد موضع ضمير المؤمن ، ويجوز أن يراد بالمؤمن الجنس على سبيل الاستغراق ; فالتقدير أحد منهم ، ويجوز أن يكون المعنى على وجه آخر وهو : أن المؤمن قد اختص لأن يطمع بالجنة فإذا انتفى الطمع منه فقد انتفى عن الكل ، وكذلك الكافر مختص بالقنوط فإذا انتفى القنوط عنه فقد انتفى عن الكل ، وورد الحديث في بيان كثرة رحمته وعقوبته كيلا يغتر مؤمن برحمته فيأمن من عذابه ، ولا ييأس كافر من رحمته ويترك بابه ( متفق عليه ) وحاصل الحديث أن العبد ينبغي أن يكون بين الرجاء والخوف بمطالعة صفات الجمال تارة ، وبملاحظة نعوت الجلال أخرى ، وقد روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : لو نودي في القيامة أن يدخل أحد الجنة أرجو أن أكون أنا ، وكذا في النار ، وقيل ينبغي أن يغلب الخوف في حال الحياة ، والرجاء عند الممات .




الخدمات العلمية