الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2379 - وعن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن العبد ليلتمس مرضاة الله فلا يزال بذلك ، فيقول الله - عز وجل - لجبريل إن فلانا عبدي يلتمس أن يرضيني ألا وإن رحمتي عليه ، فيقول جبريل : رحمة الله على فلان ويقولها حملة العرش ، ويقولها من حوله ، حتى يقولها أهل السماوات السبع ، ثم تهبط له إلى الأرض

رواه أحمد .

التالي السابق


2379 - ( وعن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن العبد ) أي : الصالح ( ليلتمس ) أي : يطلب ( مرضاة الله ) أي : بأصناف الطاعات ( فلا يزال بذلك ) أي : ملتبسا أي بذلك الالتماس ( فيقول الله - عز وجل - لجبريل إن فلانا ) كناية عن اسمه ووصفه ( عبدي ) أي : المؤمن ، إضافة تشريف ( يلتمس أن يرضيني ) أي : لأن أرحمه ( ألا ) للتنبيه ( وإن رحمتي ) أي الكاملة ( عليه ) أي : واقعة عليه ونازلة إليه ( فيقول جبريل : رحمة الله على فلان ) خبر ، أو دعاء ، وهو الأظهر ( ويقولها ) أي هذه الجملة ( حملة العرش ، ويقولها من حولهم ) أي : جميعا ( حتى يقولها أهل السماوات السبع ، ثم يهبط ) على بناء الفاعل وروي مجهولا أي : تنزل الرحمة ( له ) أي : لأجله ( إلى الأرض ) أي : إلى أهل الأرض ، يعني محبة الله إياه ، ثم يوضع له القبول فيها ، قال الطيبي : هذا الحديث وحديث المحبة متقاربان اهـ ويريد بحديث المحبة ما ورد في مسلم عن أبي هريرة مرفوعا : ( إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال : إني أحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه ، فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله تعالى يبغض فلانا فأبغضوه ، فيبغضوه ، ثم يوضع له البغضاء في الأرض ) والحديث [ ص: 1650 ] يدل على أن جبريل أفضل من حملة العرش وغيرهم من الملائكة المقربين ، ثم ما ذكره ابن حجر من أن قول الشارع ثم تهبط له أي : الرحمة لأجله إلى الأرض إنما يصار إليه إن صح أن تهبط بالمثناة الفوقية ، وإلا فالسياق والمعنى معا قاضيان بأنه المثناة التحتية وأن ضميره لجبريل غير موجه ، فإن النسخ المصححة والأصول المعتمدة اتفقت على المثناة الفوقية على خلاف تقدم في ضبطها ، ولا يجوز الإقدام على معنى الحديث إلا بعد تصحيح لفظه وروايته ، وأما ما ذكره بناء على زعمه : إنجبريل ينزل بين ملائكة أهل الأرض فيقول : رحمة الله على فلان في الأرض الأولى ويقولها ملائكتها ثم يقولها في الثانية وهكذا حتى ينتهي إلى الأرض السابعة ، هذا ما دل عليه السياق ويحتمل أنه إنما يقول ذلك في الأرض العليا فقط فمبني على الظن والتخمين ، ومثل هذا التصرف لا يجوز في الأحاديث النبوية إلا إذا ثبت من طريق آخر كذلك ، ولو كان الأظهر وما بناه على دلالة السياق مع أن حديث مسلم الذي قدمناه مطابق في الإجمال لرواية هذا الكتاب ، والله أعلم بالصواب ( رواه أحمد ) .




الخدمات العلمية