الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2529 - وعن ابن عباس قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة قال : من شبرمة قال : أخ لي أو قريب لي قال : أحججت عن نفسك قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ( رواه الشافعي وأبو داود وابن ماجه ) .

التالي السابق


2529 - ( وعن ابن عباس قال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة ) بضم الشين والراء وسكون الموحدة ( قال من شبرمة قال أخ لي أو قريب لي ) شك الراوي ، ( قال أحججت ) بهمزة الاستفهام ، ( عن نفسك ) أي أولا ، ( قال لا . قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) قال الطيبي - رحمه الله : دل على أن الصرورة لا يحج عن غيره ، وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد لأن إحرامه عن غيره ينقلب عن نفسه ، وذهب مالك والثوري وأصحاب أبي حنيفة رحمهم الله إلى أنه يحج اهـ .

إلا أنه يغيره فيحمل الأمر على الندب والعمل بالأولى ، ( رواه الشافعي وأبو داود وابن ماجه ) قال ابن الهمام قال البيهقي - رحمه الله : هذا إسناد ليس في الباب أصح منه ، وعلى هذا لم يجوز الشافعي للصرورة ، قلنا هذا الحديث مضطرب في وقفه على ابن عباس ورفعه ، وقد بسط بسطا وسيعا ، ثم قال ولأن ابن المفلس ذكر في كتابه أن بعض العلماء ضعف هذا الحديث بأن سعيد بن أبي عروبة كان يحدث به بالبصرة ، فيجعل هذا الكلام من قول ابن عباس ، ثم كان بالكوفة يسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم ، وهذا يفيد اشتباه الحال على سعيد ، وقد عنعنه قتادة ونسب إليه تدليس فلا تقبل عنعنته ، ولو سلم فحاصله أمره بأن يبدأ بالحج عن نفسه ، وهو يحتمل الندب فيحمل عليه بدليل وهو إطلاقه - عليه الصلاة والسلام - قوله للخثعمية حجي عن أبيك ، من غير استخبارها عن حجها لنفسها قبل ذلك ، وحديث شبرمة يفيد استحباب تقديم حجة نفسه ، وبذلك يحصل الجمع ويثبت أولوية تقدم الفرض على النفل مع جوازه اهـ . ملخصا لكن بقي فيه إشكال على مقتضى قواعدنا من أن الشخص إذا تلبس بإحرام عن غيره : لم يقدر على الانتقال عنه إلى الإحرام عن نفسه للزوم الشرعي بالشروع ، وعدم تجويز الانقلاب بنفسه ، فكيف في إطاعة الأمر سواء قلنا إنه للوجوب أو الاستحباب ، فلا مخلص عنه إلا بتضعيف الحديث أو نسخه ، لأن حديث الخثعمية في حجة الوداع ، أو بتخصيص المخاطب بذلك الأمر والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية