الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2572 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج ، فلما كنا بسرف طمثت ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي ، فقال : ( لعلك نفست ؟ ) قلت : نعم . قال : " فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم ، فافعلي ما يفعل الحاج ؟ غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


2572 - ( وعن عائشة قالت : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر ) أي : في تلبيتنا ، أو في محاورتنا ، وقال بعضهم : أي : لا تقصد ( إلا الحج ) فإنه الأصل المطلوب ، وأما العمرة ، فإنها أمر مندوب ، فلا يلزم من عدم ذكرها في اللفظ عدم وجودها في النية ( فلما كنا بسرف ) أي : نازلين بها ، أو واصلين إليها ، وهو بفتح السين ، وكسر الراء ممنوعا ، ومصروفا بتأويل البقعة ، أو المكان اسم موضع قريب من مكة على ستة أميال ، أو سبعة عشر ، أو اثنى عشر ، كذا قيل ، والأخيران لا يصحان . ( طمثت ) : بفتح الميم ويكسر أي : حضت ( فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي ) أي : ظنا مني أن الحيض يمنع الحج ( فقال : لعلك نفست ؟ ) بفتح النون وضمها ، والفتح أفصح أي : حضت ، وأما الولادة ، فيقال فيه : نفست بالضم ، ذكره الطيبي - رحمه الله - ( قلت : نعم . قال : " فإن ذلك ) بكسر الكاف أي : نفاسك بمعنى حيضك ( شيء كتبه الله ) أي : قدره ( على بنات آدم ) تبعا لأمهن حواء لما أكلت من الشجرة ، فأدمتها ، فقال - تعالى - لها : لئن أدمتها لأدمينك وبناتك إلى يوم القيامة ، وفيه تسلية لها إذ البلية إذا عمت طابت . ( فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ) قال الطيبي - رحمه الله : استثناء من المفعول به ، و " لا " زائدة . ( حتى تطهري ) أي : بالانقطاع ، والاغتسال ، وفي رواية صحيحة : " حتى تغتسلي " .

وهذا الحديث بظاهره ينافي قولها السابق : ولم أهلل إلا بعمرة ، اللهم إلا أن يقال قولها : لا نذكر إلا الحج أي : ما كان قصدنا الأصلي من هذا السفر إلا الحج بأحد أنواعه من القران ، والتمتع ، والإفراد ، فمنا من أفرد ومنا من قرن ، ومنا من تمتع ، وأني قصدت التمتع فاعتمرت ، ثم لما حصل لي عذر الحيض ، واستمر إلى يوم عرفة ، ووقت وقوف الحج ، أمرني أن أرفضها وأفعل جميع أفعال الحج إلا الطواف ، وكذلك السعي إذ لا يصح إلا بعد الطواف ، والله تعالى أعلم .

وأما تقدير ابن حجر ، " فدخل علي ، فقال : أهلي بالحج ، ثم دخل علي ثانيا ، وأنا أبكي " فغير صحيح لما مر " فتدبر . ( متفق عليه ) .

[ ص: 1788 ]



الخدمات العلمية