الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
275 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تعوذوا بالله من جب الحزن " . قالوا : يا رسول الله ! وما جب الحزن ؟ قال : " واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة " . قيل يا رسول الله ! ومن يدخلها ؟ قال : " القراء المراءون بأعمالهم " .

رواه الترمذي ، وكذا ابن ماجه ، وزاد فيه : " وإن من أبغض القراء إلى الله تعالى الذين يزورون الأمراء " قال المحاربي : يعني الجورة .

التالي السابق


275 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( تعوذوا بالله من جب الحزن ) : بضم الحاء وسكون الزاي وبفتحها أي من بئر فيها الحزن لا غير : قال الطيبي : جب الحزن علم والإضافة فيه كما هي في دار الإسلام أي : دار فيها السلامة من كل حزن وآفة : ( قالوا : يا رسول الله ! وما جب الحزن ؟ قال : ( واد ) : أي : هو واد عميق من كمال عمقه يشبه البئر ( في جهنم ) : بالتذكير للفصل ، وقيل : بالتأنيث ( منه ) : أي : من شدة عذابه ( جهنم ) : مع اشتمالها عليه . قال الطيبي : التعوذ من جهنم هنا كالنطق منها في قوله تعالى : هل من مزيد وكالتميز والتغيظ تكاد تميز من الغيظ والظاهر أن يجري ذلك على المتعارف لأنه تعالى قادر على كل شيء . قال في الكشاف : سؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب ، وتبيينه وتميزها وتغيظها تشبيه لشدة غليانها بالكفار بغيظ المغتاظ وتميزه واضطرابه عند الغضب ( كل يوم ) : يحتمل النهار والوقت ( أربعمائة مرة ) : لعل خصوص العدد باعتبار جهاتها الأربعة يعني كل جهة مائة وهو يحتمل التحديد والتكثير ، ويمكن أن يقدر مضاف أي : يتعوذ زبانيتها أو أهلها ( قيل : يا رسول الله ! ومن يدخلها ؟ ) أي تلك : البقعة المسماة بجب الحزن التي ذكر شدتها وهو عطف على محذوف أي : ذلك شيء عظيم هائل ، فمن الذي يستحقها ومن الذي يدخل فيها ؟ ( قال : ( القراء ) : بضم القاف أي الرجل المتنسك يقال : تقرأ تنسك أي تعبد ، والجمع القراءون وقد يكون جمع القارئ كذا قاله الطيبي . وفي القاموس القراء : ككتان ، الحسن القراءة وكرمان الناسك المتعبد كالقارئ والمقرئ ( المراءون بأعمالهم ) : السماعون بأقوالهم ( رواه الترمذي ، كذا ابن ماجه وزاد ) : أي : ابن ماجه ( فيه ) : أي في حديثه أو مرويه ( وإن من أبغض القراء إلى الله تعالى ) : قيل : أي من القراء المذكورين ، وهم المراءون قرائين مخصوصين ( وهم الذين يزورون الأمراء ) . أي : من غير ضرورة تلجئهم بهم بل طمعا في مالهم وجاههم ، ولذا قيل : بئس الفقير على باب الأمير ، ونعم الأمير على باب الفقير ، فإن الأول مشعر بأنه متوجه إلى الدنيا ، والثاني مشير بأنه متقرب إلى الأخرى ( قال المحاربي ) : أحد رواة الحديث ( يعني الجورة ) : جمع جائر أي : الظلمة لأن زيارة الأمير العادل عبادة .

[ ص: 338 ]



الخدمات العلمية