الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3186 - وعن أبي سعيد الخدري قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب ، فاشتهينا النساء واشتد علينا العزبة ، وأحببنا العزل فأردنا أن نعزل وقلنا : نعزل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا قبل أن نسأله ؟ فسألناه عن ذلك قال : ما عليكم ألا تفعلوا ; ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة . متفق عليه .

التالي السابق


3186 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق ) بكسر اللام قبيلة من بني خزاعة من العرب وفي القاموس صلق صات صوتا شديدا ، والمصطلق لقب خزيمة بن سعد بن عمرو وسمي لحسن صوته وكان أول من غنى من خزاعة ( فأصبنا سبيا من سبي العرب ) قال النووي : فيه دليل على أن العرب يجري عليهم الرق إذا كانوا مشركين لأن بني المصطلق قبيلة من خزاعة وهو مذهب مالك والشافعي ، وقال أبو حنيفة والشافعي في القديم لا يجرى عليهم الرق لشرفهم ( فاشتهينا النساء ) أي : مجامعتهن ( واشتدت علينا العزبة ) بضم العين أي قلة الجماع ( وأحببنا العزل ) أي : من السبايا مخافة الحبل ( فأردنا أن نعزل ) أي : بالفعل ( وقلنا ) وفي نسخة فقلنا أي في أنفسنا أو بعضنا لبعض ( نعزل ) أي : بحذف الاستفهام ( ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ) جملة حالية معترضة ( قبل أن نسأله ) أي : عن العزل هل يجوز أم لا ( فسألناه عن ذلك ) أي : العزل أو جوازه ( فقال ما عليكم ) أي : بأس ( أن لا تفعلوا ) بفتح الهمزة وكسرها وقيل الرواية بالكسر أي ليس عليكم ضرر أن لا تفعلوا العزل ، وقيل : بزيادة لا ومعناه لا بأس عليكم أن تفعلوا ومن ثم يجوز العزل ، وروي : لا عليكم فيحتمل أن يقال لا نفي لما سألوه وعليكم أن لا تفعلوا ، كلام مستأنف مؤكد له وعلى هذا ينبغي أن تكون إن مفتوحة ، قال القاضي : روي بما وروي بلا ، والمعنى لا بأس عليكم في أن تفعلوا ولا مزيدة ومن منع العزل قال لا نفي لما سألوه وعليكم أن لا تفعلوا كلام مستأنف مؤكد له وعلى هذا ينبغي أن تكون أن مفتوحة . وللعلماء فيه خلاف ، قال الشافعي : يجوز العزل عن الأمة سواء كانت منكوحة أو ملك يمين وعن الحرة بإذنها ( ما من نسمة كائنة ) صفة نسمة ( إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة ) أي : ليست نسمة كائنة في علم الله تعالى من حدوث المحدثات إلى يوم القيامة في حال من الأحوال إلا كائنة نابتة في وقت من الأوقات لا يمنعها عزل ولا غيره والحاصل أن كل إنسان قدره الله أن سيوجد ولا يمنعه العزل . قال النووي - رحمه الله - : معناه ما عليكم ضرر في ترك العزل ، لأن كل نفس قدر الله خلقها لا بد أن يخلقها سواء عزلتم أم لا ، فلا فائدة في عزلكم ; فإنه إن كان الله قدر خلقها سبقكم الماء فلا ينفع حرصكم في منع الخلق ، وفيه دلالة على أن العزل لا يمنع الإيلاد فلو استفرش أمة وعزل عنها فأتت بولد لحقه إلا أن يدعي عدم الاستبراء . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية