الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3199 - وعن ابن عباس قال : كان زوج بريرة عبدا أسودا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس ، يا عباس ، ألا تعجب من حب مغيث بريرة ، ومن بغض بريرة مغيثا فقال النبي : لو راجعتيه فقالت : يا رسول الله تأمرني ، قال : إنما أشفع ، قالت : لا حاجة لي فيه . رواه البخاري .

التالي السابق


3199 - ( وعن ابن عباس قال : كان زوج بريرة عبدا أسود ) أي : كعبد أسود في قبح الصورة أو كان عبدا فأعتق فصار حرا فلا ينافي ما تقدم عن أبي داود عن عائشة أنه كان حرا ( يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف ) أي : يدور ( خلفها في سكك المدينة ) أي : في طرقها ( يبكي ودموعه تسيل على لحيته ) حالان ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس ) قال السيوطي - رحمه الله - : المفهوم من الروايات أن قصة بريرة في آخر الأمر سنة تسع أو عشر لأن العباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من الطائف وابنه إنما أتاها مع أبويه وقد أخبر بمشاهدة [ ص: 2096 ] ذلك وإنما ذكرها في قصة الإفك مع تقدمها ، فوجه بأنها كانت تخدم عائشة قبل شرائها ، ذكره السبكي وقواه الشيخ ابن حجر ( يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ) أي : من كثرة محبته إياها ( ومن بغض بريرة مغيثا ) قيل إنما كان التعجب لأن الغالب في العادة أن المحب لا يكون إلا محبوبا وبالعكس ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لو راجعتيه ) الرواية بإثبات الياء لإشباع الكسرة ولو للتمني أو الشرط محذوف الجزاء أي لكان لك ثواب أو لكان أولى وفيه معنى الأمر ( فقالت : يا رسول الله تأمرني ) بحذف الاستفهام أي أتأمرني بمراجعته وجوبا ( قال إنما أشفع ) أي : آمرك استحبابا ( قالت : لا حاجة ) أي : لا غرض ولا صلاح ( لي فيه ) أي : في مراجعته وفيه إيماء إلى عذرها في عدم قبول شفاعته - صلى الله عليه وسلم - حيث قال تعالى ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ) قال ابن الملك : فيه دلالة على أن بريرة فرقت بين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وشفاعته وعلمت أنه للوجوب دونها اه ، وفي الحديث شفاعة الإمام إلى الرعية وهي من مكارم الأخلاق السنية ، وعدم وجوب قبولها وعدم مؤاخذة الإمام على امتناعها وإن العداوة لسوء الخلق وخبث المعاشرة جائزة ، وإنه لا بأس بالنظر إلى المرأة التي يريد خطبتها واتباعه إياها ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية