الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3236 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط . رواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي .

التالي السابق


3236 - ( وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا كانت ) : وفي نسخة إذا كان ( عند الرجل ) : وفي نسخة عند رجل ( امرأتان ) : أي : مثلا ( فلم يعدل فيهما جاء يوم القيامة وشقه ) : أي : أحد جنبيه وطرفه ( ساقط ) : قال الطيبي : أي نصفه مائل ، قيل : بحيث يراه أهل العرصات ، ليكون هذا زيادة له في التعذيب ، وهذا الحكم غير مقصور على امرأتين فإنه لو كانت ثلاث أو أربع كان السقوط ثابتا ، واحتمل أن يكون نصفه ساقطا وإن لزم الواحدة وترك الثلاث ، أو كانت ثلاثة أرباعه ساقطة على هذا ، فاعتبر ثم إن كانت الزوجتان إحداهما حرة والأخرى أمة ؛ فللحرة الثلثان من القسم وللأمة الثلث ، بذلك ورد الأثر قضى به أبو بكر وعلي - رضي الله عنهما - ثم التسوية المستحقة في البيتوتة لا المجامعة ؛ لأنها تبنى على النشاط ، ولا خلاف فيه قال بعض أهل العلم : إن تركه لعدم الداعية والانتشار عذر ، وإن تركه مع الداعي إليه لكن داعيته إلى الضرة أقوى ، أو مما يدخل تحت قدرته فإن أدي الواجب منه عليه ، لم يبق لها حق ولم يلزمه التسوية ، واعلم أن ترك جماعها مطلقا لا يحل له ، صرح أصحابنا بأن جماعها أحيانا واجب ديانة ، لكنه لا يدخل تحت القضاء والإلزام إلا الوطأة الأولى ، ولم يقدروا فيه مدة ، ويجب أن لا يبلغ به مدة الإيلاء إلا برضاها وطيب نفسها به هذا والمستحب أن يسوي بينهن في جميع الاستمتاعات من الوطء والقبلة ، وكذلك الجواري وأمهات الأولاد ليحصنهن عن الاشتهاء للزنا والميل إلى الفاحشة ، ولا يجب شيء لأنه تعالى جل جلاله قال : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ) فأفاد أن العدل بينهن ليس واجبا هاهنا ، فأما إذا لم تكن له إلا امرأة واحدة فتشاغل عنها بالعبادة أو السراري ، اختار الطحاوي رواية الحسن عن أبي حنيفة أن لها يوما وليلة من كل أربع ليال ، وباقيها له ، لأن له أن يسقط حقها في الثلاث بتزوج ثلاث حرائر ، أما إن كانت الزوجة أمة فلها يوم وليلة في كل سبع ، وظاهر المذهب أن لا يتعين مقدار بل يؤمر أن يبيت معها ويصحبها أحيانا من غير توقيت . والذي يقتضيه الحديث أن التسرية في المكث أيضا بعد البيتوتة ، ففي السنن عن عائشة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفضل بعضا على بعض في القسم في مكثه عندنا وكان قل يوم إلا يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى بلغ على التي هو في يومها فيثبت عندها ، فعلم من هذا أن النوبة لا تمنع أنه يذهب إلى الأخرى لينظر في حاجتها ويمهد أمرها .

وفي صحيح مسلم أنهن كن يجتمعن في بيت التي يأتيها والذي يظهر أن هذا جائز برضا صاحبة النوبة ؛ إذ قد تتضيق لذلك وتنحصر له ، كذا ذكره المحقق . والله الموفق ( رواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي ) .

قال ابن الهمام : روى أصحاب السنن الأربعة والإمام أحمد والحاكم عن أبي هريرة عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " أي مفلوج ، ولفظ أبي داود والنسائي " فمال إلى إحداهما على الأخرى " ، اهـ . وهذه الألفاظ أنسب إلى قوله تعالى - جل جلاله ( فلا تميلوا كل الميل ) فيكون جزاء وفاقا والله - تعالى - أعلم .




الخدمات العلمية