الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3361 - وعن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة " . رواه الترمذي والدارمي .

التالي السابق


3361 - ( وعن أبي أيوب : أي الأنصاري ( قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من فرق ) : بتشديد الراء أي قطع وفصل ( بين والدة وولدها ) أي ببيع أو هبة أو خدعة بقطيعة وأمثالها . وفي معنى الوالدة الوالد ، بل وكل ذي رحم محرم كما سيأتي بيانه . وقال الطيبي رحمه الله تعالى : أراد به التفريق بين الجارية وولدها بالهبة وغيرها . وفي شرح السنة : وكذلك حكم الجدة وحكم الأب والجد ، وأجاز بعضهم البيع مع الكراهة ، وعليه ذهب أصحاب أبي حنيفة ، كما يجوز التفريق بين البهائم . وقال الشافعي : إنما كره التفريق بين السبايا في البيع ، وأما الولد فلا بأس ، ورخص أكثرهم في التفريق بين الأخوين ، ومنع بعضهم لحديث علي : أي الآتي ، واختلفوا في حد الكبر المبيح للتفريق ، قال الشافعي : هو أن يبلغ سبع سنين أو ثمانيا . وقال الأوزاعي : حتى يستغني عن أبيه ، وقال مالك : حتى يثغر ، وقال أصحاب أبي حنيفة رحمه الله : حتى يحتلم ، وقال أحمد : لا يفرق بينهما وإن كبر واحتلم . وجوز أصحاب أبي حنيفة التفريق بين الأخوين الصغيرين ، فإن كان أحدهما صغيرا لا يجوز ( فرق الله بينه وبين أحبته ) : أي من أولاده ووالديه وغيرهما ( يوم القيامة ) : أي في موقف يجتمع فيه الأحباب ، ويشفع بعضهم بعضا عند رب الأرباب ، فلا يرد عليه قوله تعالى جل شأنه : يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه قال الأشرف : لم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث بين الوالدة وولدها بلفظة بين وفرق في جزأيه حيث كرر بين في الثاني ليدل على عظم هذا الأمر ، وأنه لا يجوز التفريق بينهما في اللفظ بالبين فكيف التفريق بين ذواتهما ؟ قال الطيبي رحمه الله : قال الحريري في درة الغواص : ومن أوهام الخواص أن يدخلوا بين المظهرين وهو وهم ، وإنما اعتادوا بين المضمر والمظهر قياسا على المجرور بالحرف ، كقوله تعالى جل جلاله : تساءلون به والأرحام ; لأن المضمر المتصل كاسمه ، فلا يجوز العطف على جزء الكلمة بخلاف المظهر لاستقلاله . ( رواه الترمذي ، والدارمي ) : وكذا أحمد ، والحاكم في مستدركه ، وروى الطبراني ، عن معقل بن يسار ، ( من فرق فليس منا ) .

[ ص: 2202 ]



الخدمات العلمية