الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

3386 - عن الغريف بن الديلمي ، قال : أتينا واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - فقلنا : حدثنا حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان ، فغضب وقال : إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص . فقلنا : إنما أردنا حديثا سمعته من النبي - عليه الصلاة والسلام - . فقال : أتينا رسول الله - عليه الصلاة والسلام - في صاحب لنا أوجب يعني : النار بالقتل . فقال : ( أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار ) . رواه أبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


الفصل الثالث

3386 - ( عن الغريف ) : بفتح الغين المعجمة وبكسر الراء فتحتية ساكنة ففاء ( الديلمي ) : بفتح أوله وفي نسخة صحيحة : ابن الديلمي . قال الحاكم في المستدرك : الغريف هذا لقب لعبد الله بن الديلمي ذكره السيوطي ، وفي التقريب : الغريف بفتح أوله ابن عياش بتحتانية ومعجمة ابن فيروز الديلمي ، وقد ينسب إلى جده ، مقبول من الخامسة ، وفي جامع الأصول : هو الغريف ابن عياش الديلمي ، وكذا المصنف في أسماء التابعين . ( قال : أتينا واثلة بن الأسقع ) كان من أهل الصفة ويقال : إنه خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنين ( فقلنا : حدثنا ) : بصيغة الأمر ( حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان ) ، بزيادة ( لا ) لزيادة التأكيد ( فغضب ) : أي تغير وظهر عليه أثار الغضب ( وقال : إن أحدكم ليقرأ ) : أي القرآن ليلا ونهارا لا يغيب عنه ساعة ( ومصحفه معلق في بيته ) : جملة حالية تفيد أنه يقدر على مراجعته إليه عند وقوع التردد عليه ، وقال الطيبي : هي مؤكدة لمضمون ما سبق ( فيزيد ) : أي ومع هذا فقد يزيد ( وينقص ) . أي في قراءته سهوا وغلطا ، قال الطيبي رحمه الله : فيه مبالغة ، لا أنه تجوز الزيادة والنقصان في المقروء ، وفيه جواز رواية الحديث بالمعنى ونقصان الألفاظ وزيادتها مع رعاية المعنى والمقصد منه ( فقلنا : إنما أردنا حديثا سمعته ) : أي ما أردنا بقولنا حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان ما عنيت به من اتقاء الزيادة والنقصان في الألفاظ ، وإنما أردنا حديثا سمعته . ( من النبي - صلى الله عليه وسلم - ) . يعنون ، وحديثه ليس لأحد أن يزيد عليه أو ينقصه عمدا ، أو لا زيادة على أمره ، ولا نقصان في حكمه أبدا ، ( فقال : أتينا رسول الله - عليه الصلاة والسلام - في صاحب ) : أي جئناه في شأن صاحب ( لنا ) : من شفاعة أو غيرها ( أوجب ) : أي من وصفه أنه استحق لولا الغفران ( يعني ) : هذا كلام الغريف ، يريد أن واثلة يريد بالمفعول المحذوف في أوجب ( النار ) : وقوله ( بالقتل ) : متعلق بأوجب من تتمة كلام واثلة ، فجملة ( يعني النار ) معترضة للبيان ، ولو قال الراوي : أوجب بالقتل يعني النار لكان أولى كما لا يخفى ، ( فقال : ( أعتقوا ) : أي : يا أقارب القاتل أو أصحابه أو الخطاب للقاتل ، وجمع تغليبا أو تعميما للحكم في مثل فعله ( عنه ) : أي عن قتله وعوضه ( يعتق الله ) : بالجزم [ ص: 2218 ] مكسور في الوصل على جواب الأمر ، وفي نسخة بالرفع استئنافا ( بكل عضو منه ) : أي من العتيق ( عضوا منه ) ، أي : من القاتل ( من النار ) . متعلق بيعتق ، ولعل المقتول كان من المعاهدين وقد قتله خطأ ، وظنوا أن الخطأ موجب للنار لما فيه من نوع تقصير حيث لم يذهب طريق الحزم والاحتياط ، والله تعالى أعلم . ( رواه أبو داود ) : وفي نسخة صحيحة : والنسائي .




الخدمات العلمية