الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
336 - وعن سلمان - رضي الله عنه - قال : نهانا - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة لغائط أو بول ، أو نستنجي باليمين ، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم . رواه مسلم

التالي السابق


336 - ( وعن سلمان ) : قال المصنف : هو سلمان الفارسي يكنى أبا عبد الله ، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أصله من فارس من رامهرمز ، ويقال : بل كان أصله من أصفهان من قرية يقال لها جن سافر يطلب الدين فدان أولا بدين النصرانية ، وقرأ الكتب وصبر في ذلك على مشقات متتالية فأخذه قوم من العرب فباعوه من اليهود ، ثم إنه كوتب فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتابته ، ويقال إنه تداوله بضعة عشر سيدا حتى أفضى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسلم لما قدم النبي إلى المدينة ، وقال : ( سلمان منا أهل البيت ) وهو أحد الذين اشتاقت إليهم الجنة فكان من المعمرين ، قيل : عاش مائتين وخمسين سنة ، وقيل ثلاثمائة وخمسين سنة والأول أصح ، وكان يأكل من عمل يده ويتصدق بعطائه ، مات بالمدائن سنة خمس وثلاثين ، وروى عنه أنس وأبو هريرة وغيرهما . ( قال : نهانا - يعني ) : أي يريد سلمان بالناهي ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : وإنما قال الراوي : عن سلمان ذلك لأن الصحابي لا يطلق ذلك على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنه نفسه صرح به فقال : نهانا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ( أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ) : قال علماؤنا : الاستقبال لهما كراهة تحريم ، وللاستنجاء كراهة تنزيه ( أو أن نستنجي ) : قال ابن الملك أو فيه وفيما بعده للعطف اهـ . وفي نسخة صحيحة : هنا بالواو ، وأما فيما بعده فبأو اتفاقا وهو للتنويع قال في الفائق : الاستنجاء قطع النجاسة من نجوت الشجرة وأنجاها واستنجاها أي : قطعها من الأرض ( باليمين ) : نهي تنزيه قاله ابن الملك ( أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ) : قال المظهر : النهي عن الاستنجاء باليمين نهي تنزيه وكراهة لا تحريم ، والاستنجاء بثلاثة أحجار واجب عند الشافعي وإن حصل النقاء بأقل ، وعند أبي حنيفة النقاء متعين لا العدد اهـ . لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من استجمر فليوتر ) من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج فالأمر للاستحباب والنهي للتنزيه ( أو أن نستنجي برجيع ) : لنجاسته فعيل بمعنى المفعول ، والمراد الروث والعذرة لأنه رجع أي : رد من حال هي الطهارة إلى أخرى وهي النجاسة وكل مردود رجيع ( أو بعظم ) . قال الخطابي : لا يجوز الاستنجاء بعظم ميتة أو مذكاة . قيل : علة النهي ملاسة العظم فلا يزيل النجاسة ، وقيل علته أنه يمكن مصه أو مضغه عند الحاجة ، وقيل قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن العظم زاد إخوانكم من الجن ) اهـ . يعني : وإنهم يجدون عليه من اللحم أوفر ما كان عليه وقيل لأن العظم ربما يجرح ( رواه مسلم ) . وروى أبو داود والدارقطني ، والبيهقي ، عن ابن مسعود مرفوعا : في أن يستنجي أحد بعظم أو روثة أو حممة أي فحم .




الخدمات العلمية